ملخص المسؤولية المدنية PDF
|
بحث المسؤولية المدنية pdf |
المبادئ العامة للمسؤولية المدنية
من لا يعمل لا يخطئ ، فالخطأ من صفات البشر ، لذلك كان لا بد من جبر الضرر ، والاعتداء على حقوق الأفراد يستلزم قيام المسؤولية ، فالمسؤولية هي عبارة عن التزام يترتب على الشخص بضمان تصرفاته ، والمسؤولية هي الحالة التي يؤاخذ فيها الشخص على قيامه بعمل ما ، وهي تتنوع ، فإذا كان الإخلال بالقاعدة القانونية يترتب عنه مسؤولية قانونية وإذا كانت اخلاقية يترتب عنها مسؤولية أدبية.
و ضد كلمة المسؤولية هي الفوضى والخلل الاجتماعي ، ولا يمكن للأمن الاجتماعي أن يستتب إلا بوجود المسؤولية المدنية.
فكلما كان الشخص ملتزما بالحيطة والحذر كان مسؤولا عن افعاله وكلما ترك العنان لنفسه عمت الفوضى في المجتمع .
وتعتبر المسؤولية المدنية فرعا من فروع القانون المدني وأكثرها صعوبة وقد زادت صعوبتها من الامتداد العمراني والتطور الاقتصادي وصدور قوانين التأمين الإجباري ولقيام المسؤولية المدنية يجب تحقق الخطأ والضرر والعلاقة السببية بين الخطأ والضرر ، حيث يلزم المخطئ بجبر الضرر الواقع على الغير.
لمن يريد التحميل ما عليه الا الضغط على رابط التحميل في اعلى هذه الجملة ولمن يود القراءة دون تحميل فالملخص بالكامل امام حضراتكم.
وتتأسس المسؤولية المدنية على الخطأ ، ووقوع الضرر ، والواقع أن المسؤولية المدنية ليست إلا ضريبة من ضرائب التقدم والازدهار والتطور الحضاري الحاصل في المجتمعات الحديثة.
والمسؤولية هي المؤاخذة والمحاسبة و المجازاة على فعل معين مخالف لواجب اجتماعي، والمسؤولية تنقسم إلى واجبات قانونية وواجبات أدبية أو دينية أو أخلاقية، والمسؤولية الناجمة عن خرق واجب أخلاقي تسمى مسؤولية أخلاقية أو مسؤولية أدبية وإذا كانت خرق قاعدة قانونية كانت المسؤولية قانونية.
والمسؤولية القانونية تنقسم بدورها إلى مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية .
والمسؤولية المدنية هي التي نحن بصدد دراستها وهي تنشأ إما عن الإخلال بالتزام عقدي فتسمى مسؤولية عقدية أو تنشأ عن فعل أحدث ضررا للغير وتسمى المسؤولية التقصيرية ويسميها الفقهاء الفعل الضار .
ومما تجدر الإشارة إليه أن المسؤولية سواء عقدية أو تقصيرية لا تتحقق إلا بتوفر ثلاثة أركان : الخطأ و الضرر والعلاقة السببية.
وقد نص الفصل الأول من قانون الالتزامات والعقود على أن " تنشأ
الالتزامات عن الاتفاقات والتصريحات الأخرى المعبرة عن الإرادة، وعن أشباه العقود،
وعن الجرائم وعن أشباه الجرائم ".
فمصادر الالتزام هي :
1-
الاتفاقات (أو العقود)
2-
التصريحات المعبرة عن الإرادة (الإرادة المنفردة)
3- أشباه
العقود
4-
الجرائم وأشباه الجرائم .
وقد انتقد المشرع من حيث اعتداده بشبه العقد وشبه الجرم، كمصدرين
للالتزام، وإغفاله للقانون الذي يمكن أن يكون سببا مباشرا لنشوء الالتزام ، وعليه
فالتصنيف الأكثر دقة لمصادر الالتزام هو تصنيف الفقه والتشريعات المقارنة التي
جعلت مصادر الالتزام خمسة أولا : العقد ، ثانيا : الإرادة المنفردة
، ثالثا : الإثراء بلا سبب ، رابعا : العمل غير المشروع ، خامسا
: القانون .
هكذا نلاحظ أن المسؤولية المدنية أو ما يطلق
عليه العمل غير المشروع هي من مصادر نشوء الالتزام ، فإذا أخل أحد بالتزام ترتب
على هذا الإخلال مسؤوليته المدنية، وهذه الأخيرة على نوعين : مسؤولية عقدية
ومسؤولية تقصيرية ، فالمسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بتنفيذ العقد ، وهي أثر من
آثار العقد الذي تم الإخلال به ، وهي مستمدة من العقد كمصدر من مصادر الالتزام ،
أما المسؤولية التقصيرية فهي العمل غير المشروع، وهو المصدر الرابع من مصادر
الالتزام.
قال تعالى " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " الأنبياء 23
المسؤولية المدنية من أهم الموضوعات القانونية التي اهتم بها الفقه والقضاء منذ
بداية القرن العشرين نظرا للمخاطر التي يتسبب فيها الانسان بفعله أو بفعل الأشياء
التي يسأل عنها خصوصا مع التطور الحاصل في وسائل النقل والإنتاج الصناعي
، و الأصل في المسؤولية المدنية هو إرجاع الحالة التي كانت عليه قبل وقوع الضرر أو
الحصول على تعويض في حالة تعذر ذلك.
تعريف المسؤولية المدنية :
يقصد بالمسؤولية تحمل الشخص العواقب التقصير الصادر عنه أو الأشياء
والأشخاص التي يسأل
عنها ، فهي في معناها المدني المؤاخذة عن الأخطاء التي تضر بالغير
وإلزام المتسبب بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه أو جبر الضرر عن طريق التعويض كما
حدده القانون .
أما الفقه الاسلامي فقد تحدث عن المسؤولية المدنية وأطلق عليها إسم
الضمان ، وقد عرفه وهبة الزحيلي في كتابه نظرية الضمان في الفقه الإسلامي بأنه
إعطاء شيء مثل الشيء إن كان من المثليات وقيمته إن كان من القيميات ، وعليه
فالضمان في الفقه الإسلامي يعني ما تعنيه
المسؤولية المدنية في القانون المدني وهو التزام بأداء تعويض مالي عند الإضرار
بالغير ، شريطة أن لا يصل هذا الإضرار إلى مستوى الإضرار بالحق العام ، حيث تقوم
هنا المسؤولية الجنائية و تتدخل النيابة العامة مطالبة بمعاقبة المسؤول .
النظرية الشخصية :
تؤسس هذه النظرية المسؤولية
على فكرة الخطأ كأساس جوهري لا تقوم بدونه، فهي تهتم أساسا بسلوك الشخص المسؤول
ولا نتصور قيام المسؤولية بغير خطأ ولكن بغير تفرقة بين خطأ عمدي أو غير عمدي ،
يستوي في ذلك أن يكون هذا الخطأ واجب الإثبات في حالة المسؤولية عن العمل الشخصي
أو أن يكون خطأ مفروضا في حالة المسؤولية عن فعل الغير وعن الأشياء ، إذ أن أساس
المسؤولية في جميع هذه الحالات هو الخطأ.
النظرية الموضوعية :
أدى التقدم الصناعي في نهاية القرن 19 وكثرة الاختراعات
الميكانيكية وقيام الصناعات الضخمة وانتشار وسائل النقل الآلية إلى توسيع نطاق
المسؤولية على أساس اعتبارات العدالة والتضامن الاجتماعي لا على فكرة الخطأ ، فذهب
فريق من الشراح وعلى رأسهم سالي و دیموج إلى اعتبار أن من يباشر نشاطا يتحمل
نتيجته و عليه أن يعوض الغير الذي يلحقه ضرر منه ، ولو كان سلوكه هذا غير مشوب
بخطأ ما.
وعليه فمن يقوم بعمل غير مشروع ما فإنه يتحمل تبعاته ، وفي منطق هذه
النظرية المادية أو نظرية تحمل التبعة، فإنه من غير الجائز نفي المسؤولية بنفي
الخطأ أو بنفي العلاقة السببية فالمسؤولية تقوم على الضرر وحده حتى ولو كان السبب
مبنيا على قوة قاهرة.
أنواع المسؤولية :
تنقسم المسؤولية إلى مسؤولية قانونية و مسؤولية أخلاقية ، بينما
تنقسم المسؤولية القانونية إلى مسؤولية مدنية ومسؤولية جنائية.
المسؤولية الأخلاقية :
الأخلاق قواعد مثالية نابعة من المجتمع لمحاربة الشر و الدعوة إلى
الخير ومكارم الأخلاق ، وعند الإخلال بقاعدة أخلاقية تقوم المسؤولية الأخلاقية
تبعا لذلك ، ودائرة الأخلاق أوسع من دائرة القانون ، لذلك كانت المسؤولية
الأخلاقية أوسع من المسؤولية القانونية ، لكن الجزاء المترتب عليها لا يكون عن
طريق القضاء بل يكون عبارة عن استنكار المجتمع وتأنيب الضمير ، ولا يشترط لقيام
المسؤولية الأخلاقية وقوع الإضرار بالغير ، بل يكفي أن يكون الفعل مشينا أو
مستنكرا من المجتمع ، لأن الأخلاق تعني ليس فقط بعلاقة الإنسان مع الإنسان بل
تتعداها إلى علاقة الإنسان بالله و علاقته بنفسه.
المسؤولية القانونية :
تنقسم إلى مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية.
- المسؤولية الجنائية :
تنشأ المسؤولية الجنائية عن
كل فعل يشكل جريمة بنص القانون ، وتأتي هذه المسؤولية لحماية المجتمع ، والقانون
هو من يحدد الجريمة والعقوبة الخاصة بها ، هذه العقوبة لا تأتي على شكل تعويض بل
على شكل جزاء جنائي مؤلم فتمس الفرد في حريته أو نفسه أو ماله من أجل ردعه و حمله
على الاستقامة ، وأيضا ردع الأخرين ممن تسول لهم أنفسهم المس بسلامة المجتمع وأمنه
، هذا الجزاء الجنائي يتخذ إما شكل عقوبة أو تدبير وقائي ، فالعقوبة تتحدد حسب ما
إذا كانت الجريمة جناية أو جنحة أو مخالفة ، ففي الجناية مثلا العقوبة تكون إما
سالبة للحرية أو إعداما أو تجريدا من الحقوق الوطنية ، بينما في الجنحة تكون
العقوبة إما حبسا من شهر إلى 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 1200 درهم أو هما معا ،
بينما في المخالفة لا تتجاوز مدة الاعتقال شهرا واحدا وغرامة لا تتجاوز 1200 درهم
، أما التدابير الوقائية فهي نوع من الإجراءات تصدر بحكم قضائي لتجنب خطورة تكمن
في نفسية الجاني ، لكن دون إيداعه السجن حتى لا يحتك بمجرمين أكثر حنكة وتخفيفا من
وطأة اكتظاظ السجون . شرطا المسؤولية الجنائية هما السلوك المادي المتسبب في
النتيجة الإجرامية ثم الاسناد المعنوي ويقوم على أمرين هما التمييز و حرية
الاختيار ، بمعنى القدرة على الادراك والتمييز ووجود أهلية وهو أمر لا يتحقق إلا
ببلوغ سن 18 سنة ، بينما يعتبر الحدث البالغ ما بين 12 و 18 ناقص أهلية ومسؤولا
مسؤولية جنائية لكن مسؤولية ناقصة ، أما ما دون 12 سنة فهو غير مسؤول جنائيا
البتة.
- المسؤولية
المدنية :
هي الالتزام بإصلاح الضرر الواقع على الغير بفعل الملتزم أو بفعل
الأشخاص أو الأشياء أو الحيوانات التي يسأل عنها .
المسؤولية المدنية هي مسؤولية قانونية لأنه يترتب عن قيامها جزاءات
يفرضها القانون وهي مدنية لأنها ترمي إلى رفع الضرر الواقع على الغير أو إزالته أو
إصلاحه أو منح مبلغ من المال كتعويض و جبر للضرر ، وهي مبنية على التزام قانوني
سابق مفاده عدم الإضرار بالغير.
الجزاء المدني :
يترتب عند قيام المسؤولية الجنائية الجزاء الجنائي وذكرنا أنه يأتي
على شكل عقوبة مؤلمة تمس الفرد في حريته أو بدنه أو حياته أو ماله ، بينما الجزاء
المدني هو أكثر تنوعا من الجزاء الجنائي لكنه لا يمس شخص المعني بل هو يمس ماله
فقط أو يلزمه بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل الضرر ، فهو جزاء إصلاحي ،
يستهدف إصلاح الضرر أو رفعه بالتنفيذ العيني والاجبار على تنفيذ حكم القاعدة التي
خالفها أو امتنع عن تطبيقها كلما كان ممكنا من غير إرهاق المدين أو قهر حريته
الشخصية .
الجزاء المدني في القانون الروماني كان يختلط مع الجزاء الجنائي ،
ولم يتم التمييز بينهما إلا في ظل القانون الفرنسي القديم ، الذي جعل المسؤولية
المدنية في شكل تعویض لا تشوبه فكرة العقوبة عندما يقع إخلال بالتزام عقدي أو ضرر
بأموال الغير ، و لعل الفضل يرجع إلى الفقيه دوما في التمييز بين المسؤولية
الجنائية والمدنية ، وهو ما عليه الأمر اليوم حيث أن الجزاء المدني لا يطال شخص
المدين بل أمواله فقط ، تماشيا مع توصيات المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، ولكن
ما تزال هناك بعض التشريعات التي تنص على حبس المدين إذا لم ينفذ التزاماته
المدنية ومن بين هذه التشريعات التشريع المغربي الذي ينص على الإكراه البدني
كوسيلة لإجبار المدين على تنفيذ التزاماته المدنية.
أنواع الجزاءات المدنية
أولا : الجزاءات المدنية
المكفولة بعدالة خاصة
- الدفع بعدم التنفيذ :
فالدائن في الالتزام
التبادلي يستطيع أن يمتنع عن تنفيذ التزامه طالما أن المدين لم يقم بتنفيذ التزامه
، الفصل 234 من قانون الالتزامات والعقود.
- حبس المال :
هو حيازة الشيء المملوك للمدين وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو
مستحق للدائن ، ولا يمكن أن يباشر إلا في الأحوال الخاصة التي يقررها القانون
" ف 291 من ق ل ع .
- قطع جذور الأشجار الممتدة : من أرض الجار ، ف135 من ظهير
التحفيظ العقاري .
ثانيا : الجزاءات المدنية الماسة بالعقود
-
البطلان :
جزاء يقرره القانون على عقد اختل فيه ركن من أركان العقد ، كما
لو كانت الاهلية منعدمة في حالة الصغير غير المميز أو كان محل الالتزام شيئا أو
عملا مستحيلا ، أو كان السبب غير مشروع أو غير موجود أصلا ، أو لاعتبارات تتعلق
بالنظام العام فيقضي ببطلان العقد بنص القانون .
-
الإبطال :
جزاء يقرره القانون عند اختلال شرط من شروط صحة العقد ، كما لو
كانت إرادة أحد المتعاقدين غير سليمة ، أو بموجب نص قانوني يمنح حق الأبطال لأحد
المتعاقدين .
-
الإجازة والتقادم :
العقد الباطل عدم منذ البداية فلا يلحقه تقادم ولا إجازة ، أما
العقد القابل للإبطال فهو يرتب جميع آثار العقد الصحيح ويكون لأحد الأطراف الحق في
إبطاله ويزول هذا الحق بالنزول عنه وهذه هي الاجازة أو ينقضي بانقضاء مدة معينة
دون استعمال هذا الحق وهذا هو التقادم ، فالعقد القابل للإبطال إذن تلحقه الإجازة ويرد عليه التقادم .
والإجازة هي عمل قانوني يراد به تصحيح العقد برفع العيب الذي
يلحقه ، و يتم بإرادة منفردة و يصدر من جانب من تقرر لمصلحته البطلان النسبي ، وعلى ذلك فهي لا تحتاج إلى أن يقترن بها
قبول ولا يمكن الرجوع فيها على أساس أن القبول لم يصدر ، فبالإجازة يستقر هذا
الوجود القانوني نهائيا بعد أن كان مهددا بالزوال وهي تختلف عن الإقرار الذي هو
عمل قانوني يصدر من شخص خارج عن العقد كما في حالة إقرار الأصيل للعقد الذي أبرمه
نائبه خارج حدود نيابته ومثله أيضا بيع ملك الغير
فلا ينفذ في مواجهة المالك الحقيقي إلا بإقراره .
ثالثا : الجزاءات المدنية الواردة في قانون
المسطرة المدنية.
- الغرامة التهديدية :
ف 448 " إذا رفض
المنفذ عليه أداء الالتزام بعمل أو خالف التزاما بالامتناع عن عمل أثبت عون
التنفيذ ذلك في محضره وأخبر الرئيس الذي يحكم بالغرامة التهديدية ما لم يكن سبق
الحكم بها " هذه الغرامة طريقة لإجبار المدين على الوفاء بالتزامه من غير
استعمال القوة الجبرية .
-
الحجز على الأموال :
فهناك الحجز التحفظي ف 452 - 458 وهو إجراء مؤقت غايته التحفظ على
أموال المدين بوضعها تحت يد القضاء حماية لمصلحة الدائن ، وهناك الحجز التنفيذي
وهو إجراء يباشره الدائن بقصد استيفاء حقه من أموال المدين أو من ثمنها بعد بيعها
بواسطة السلطة القضائية ، ويقع على المنقولات المادية التي توجد بحوزة المنفذ عليه
والمملوكة له حيث يتم بيعها بالمزاد العلني لاقتضاء حق الدائن ، وهناك الحجز
الارتهاني ويقع طبقا للقواعد السابقة في الحجز التنفيذي على المنقولات و هو
يبدأ حجزا تحفظيا بأمر من الرئيس سواء كان بيد الدائن سند تنفيذي أو لم يكن هذا
السند و ذلك لأن الحجز سيحصل بدون إعلان أو تنبيه إلا إذا اختار الدائن الذي بيده
سند تنفيذي توقيع الحجز التنفيذي فإنه يشترط في
هذه الحالة سبق التنبيه و بدون تصحيح الحجز، جاء في الفصل 497 من قانون المسطرة المدنية " يمكن للمكري بصفته
مالكا أو بأية صفة أخرى العقار أو أرض فلاحية كلا أو بعضا يعمل بإذن من القاضي على
إيقاع حجز إرتهاني لضمان الأكرية المستحقة و الأمتعة و المنقولات و
الثمار كائنة في ذلك العقار المكري" وهناك الحجز الإستحقاقي ، فيمكن لكل شخص
يدعي حق ملكية أو حيازة قانونية أو ضمان على شئ منقول في حيازة الغير أن يعمل على وضع هذا الشيء تحت يد
القضاء تجنبا لتلفه الفصل 500 من قانون المسطرة
المدنية ، و يعتبر هذا الحجز نوعا من المحجوزات التحفظية فهو يرمي إلى وضع
مال معين تحت يد القضاء لمنع حائز هذا المال من التصرف فيه أو تجنبا لتلفه ، ويجوز
لصاحب الحق في الحجز الاستحقاقي أن يوقعه ضد أي شخص يحوز
الشيء ولو لم تربطه بالحاجز أية علاقة قانونية کالمغتصب مثلا، و يقدم الطلب إلى
السيد رئيس المحكمة الابتدائية مرفقا بقائمة المنقولات التي يدعي الطالب
استحقاقها، و بعد ذلك يحال الكل على مصلحة التنفيذ المدني و تطبق نفس الإجراءات
التي تطبق في الحجز التنفيذي إلا أنه يقتصر على حجز المنقولات المحجوزة بالقائمة ،
وهناك الحجز لدى الغير طبقا للفصل 488 من قانون المسطرة المدنية حيث يمكن
لكل دائن ذاتي أو اعتباري يتوفر على دين ثابت
إجراء حجز بين يدي الغير بإذن من القاضي على مبالغ ومستندات المدين والتعرض على
تسليمها له ، و الحجز لدى الغير يبدأ تحفظيا وينتهي بعد ذلك حجزا تنفيذيا يؤدي إلى
التنفيذ الجبري على مال المدين .
- البيع بالمزاد العلني :
ويبتدئ بإيداع طلب التنفيذ إما بتحويل الحجز
التحفظي على عقار إلى حجز تنفيذي، أو بناء على تحويل إنذار عقاري إلى حجز عقاري،
فيقوم مأمور الإجراء بتتبع وتفعيل مقتضيات قانون المسطرة المدنية ، بالإضافة إلى
قوانين أخرى خاصة حسب الحالات الواردة في طلبات التنفيذ الجبري.
- الاكراه البدني :
وهو استعمال القوة الجبرية للحصول على التنفيذ حيث
يتم حبس المدين حتى يضطر إلى الوفاء بدينه.
التمييز بين أنواع المسؤوليات
أولا :
التمييز بين المسؤولية
الأخلاقية والمسؤولية القانونية
تترتب المسؤولية
الأخلاقية عن مخالفة قواعد الأخلاق، فيسأل الإنسان
أمام المجتمع و أمام الله وأمام ضميره، ولا يترتب عليها أي جزاء قانوني ، ولا
يشترط لقيام هذه المسؤولية حدوث ضرر للغير، بل يكفي أن ينوي الإنسان ويتمنى شرا
لغيره حتى تتحقق هذه المسؤولية ، بينما يترتب على المسؤولية القانونية جزاء قانوني
جراء مخالفة القانون وهي نوعان مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية .
- التمييز بين المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية المدنية من حيث النطاق :
المسؤولية الأخلاقية أوسع نطاقا من المسؤولية القانونية، فهي
تتصل بعلاقة الإنسان بربه، و بعلاقته بنفسه، و بعلاقته بغيره من الناس ، أما
المسؤولية القانونية فتتصل بعلاقة الإنسان مع غيره من الناس فقط
- من حيث تحقق النتيجة :
المسؤولية الأخلاقية تتحقق بمجرد وجود سوء النية ، ولا تتطلب
حصول ضرر بالغير بينما تتطلب المسؤولية القانونية حدوث الضرر .
من حيث الجزاء :
الجزاء في المسؤولية الأخلاقية ذاتي يتجلى في مسؤولية الإنسان
أمام الله وأمام ضميره وأمام استنكار الناس فهو جزاء معنوي ، بينما الجزاء في
المسؤولية القانونية هو جزاء مادي يحدده القانون و تفرضه السلطة العامة جبرا ،
نشير إلى أنه لا يمكن الإفلات من العقاب في المسؤولية الأدبية، حتى لو خالف
الإنسان قاعدة أخلاقية في الخفاء ، و ذلك لأنها تقوم على الضمير، والفاعل فيها هو
الخصم والحكم ، في حين أنه يمكن الإفلات من العقاب في المسؤولية القانونية في حال
ما إذا خالف الشخص قاعدة في السر، و ذلك لأن العقاب في مثل هذه الحال تفرضه السلطة
العامة ، وإذا لم تعلم هذه السلطة بالمخالفة التي وقعت فلا يمكن لها أن تتدخل
وتعاقب الفاعل .
- من
حيث المعيار :
تقوم المسؤولية الأخلاقية على معيار شخصي وهو الضمير ، فيكفي
تمني الشر للغير لقيامها ، بينما تقوم المسؤولية القانونية على معيار موضوعي وهو
مسؤولية الإنسان أمام غيره من الناس .
- من
حيث الغاية :
المسؤولية الأخلاقية تروم تهذيب النفس ونشر الفضيلة والأخلاق في
المجتمع بينما المسؤولية القانونية ترمي إلى استقرار النظام وتحقيق العدل ورد الحقوق .
ثانيا –
التمييز بين المسؤولية المدنية والمسؤولية
الجنائية :
المسؤولية الجنائية
تعني تحميل الشخص تبعات افعاله الجنائية المجرمة بمقتضى نص في القانون كالقتل أو
السرقة او خيانة الأمانة ، وانطلاقا من هذا المعنى فإن المسؤولية الجنائية ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقاب ولا تنفصل عنه ، ونظرا
لخطورة الافعال الجنائية و مساسها بالنظام العام فإن العقوبات التي حددها المشرع غالبا ما تكون صارمة تتراوح بين
الغرامات الزجرية والعقوبات السالبة للحرية و قد تصل الى حد الإعدام في بعض
الحالات الخاصة.
وعلى عكس المسؤولية الجنائية التي تترتب على ارتكاب المجرم
الأفعال محظورة تضر بالمجتمع فإن المسؤولية المدنية لها
نطاق ضيق إذ انها تهدف إلى حماية مصلحة خاصة يملك فيها المضرور إمكانيات واسعة للتنازل عن حقه في التعويض ، لا فرق في ذلك بين أن
يكون الضرر ناتجا عن الإخلال بالتزام عقدي او التزام تقصيري.
فالمسؤولية المدنية اذ تعني إلزام
المسؤول عن الضرر بأداء التعويض للطرف المضرور
في الحالات التي تتوافر فيها شروط هذه المسؤولية ، لذلك فهي لا تحمل معنى الردع
الذي تنطوي عليه المسؤولية الجنائية و انما تفيد معنى جبر الضرر الذي تسبب فيه
الشخص المسؤول.
من حيث الأساس القانوني :
تنشأ المسؤولية
الجنائية عن اقتراف المجرم للأفعال المحظورة بمقتضى فصول القانون الجنائي إذ
ان المبدأ هو أنه لا جريمة ولا عقوبة الا بنص ،
اما بخصوص المسؤولية المدنية فإنها تترتب على
الإخلال بالالتزامات والواجبات التي يفرضها مبدأ
التعايش الاجتماعي سواء كان منصوصا عليها في العقد أو في بنود قانونية او كانت
مستخلصة من المبادئ العامة التي تحتم مبدأ احترام حقوق الغير وعدم الإضرار بها ، من ذلك مثلا الإهمال
المؤدي إلى إتلاف أشياء الغير أو المنافسة غير المشروعة أو الإخلال بالتزام عقدي.
من حيث الجزاء :
نظرا لخطورة الافعال الجنائية فإن الجزاء
المترتب عنها يتمثل في مجموعة من العقوبات الصارمة كالاعدام و السجن والمصادرة
والغرامات والتجريد من الحقوق الوطنية وغيرها من الجزاءات الجنائية التي تأخذ طابعا زجريا ، أما الجزاء المدني فهو ينحصر في إرجاع الحالة
إلى ما كانت عليه أو تعويض المضرور حسب المقدار الذي تراه المحكمة مناسبا لجبر
الضرر الذي أحدثه الشخص المسؤول.
من حيث مخولات الحق :
باعتبار أن
الدعوى الجنائية تقوم على انتهاك الحق العام ، فإنه لا يحق
للطرف المضرور التنازل عن مقتضيات الدعوى العمومية بمحض ارادته لأنها ليست ملكا له وإنما هي حق
خالص للمجتمع الذي تمثله النيابة العامة ، وعلى العكس من ذلك فإن للمضرور کامل الحرية في التنازل عن مطالبه المدنية لتعلق ذلك
بمصلحته الشخصية .
من حيث الاعتداد بعنصر النية :
النية ركن من
أركان المسؤولية الجنائية ، أما في المسؤولية المدنية فلا يشترط فيها عنصر النية ،
فالضرر الناتج عنها يجب تعويضه سواء كان إهمالا أو عمدا رغم أن القضاء يميل إلى
زيادة التعويض في حالة العمد.
من حيث تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية :
فيمكن للدعوى المتعلقة بالمطالبة المدنية أن تكون تابعة للدعوى
العمومية وليس العكس ، فإذا نتج عن الفعل الواحد دعويان إحداهما جنائية والأخرى مدنية كالضرب والجرح المسبب لعاهة بالمضرور ،
فإن هذا الأخير له الحق في رفع دعوى المطالبة
المدنية الى المحكمة الزجرية وذلك في شكل دعوى مدنية تابعة للدعوى العمومية كما أن
له الخيار في رفعها بطريقة مستقلة الى المحكمة المدنية .
من حيث التقادم :
فلكل من دعوى
المسؤولية الجنائية و دعوى المسؤولية المدنية تقادما مستقلا يختلف من حالة لأخرى ، فالدعوى الجنائية تتقادم بمرور 15 سنة من يوم اقتراف الفعل
بالنسبة للجنايات و 4 سنوات بالنسبة للجنح وسنة
للمخالفات ، اما بخصوص الدعاوى المدنية فإن
تقادمها يختلف باختلاف ما اذا كانت عقدية او تقصيرية.
من حيث أطراف الدعوى ونوعيتها :
تختلف الدعوى العمومية عن الدعوى المدنية في عدة نقاط :
- من حيث السبب : فسبب الدعوى
العمومية هو الجريمة ، أي ارتكاب فعل مجرم بنص القانون الجنائي ، بينما سبب الدعوى
المدنية هو الضرر .
- من حيث الموضوع : فموضوع الدعوى العمومية
هو حماية المجتمع عن طريق إيقاع العقاب بالمجرم ، بينما موضوع الدعوى المدنية هو
حماية مصلحة خاصة عن طريق تعويض الأضرار التي وقعت على هذه
المصلحة الخاصة .
- من حيث الخصوم : المدعي في دعوى المسؤولية
الجنائية هو النيابة العامة التي تنوب عن المجتمع بينما في دعوى المسؤولية المدنية
فالمدعي هو المضرور أو من يمثله.
نتائج اجتماع المسؤولية
الجنائية والمسؤولية المدنية
قد توجد المسؤولية
الجنائية دون المسؤولية المدنية وقد يحدث العكس ، لكن أحيانا أخرى قد تجتمع
المسؤوليتان ، كما في حال الضرب أو القتل فتنشأ دعوى جنائية ودعوى مدنية تابعة ، و
تؤثر المسؤولية الجنائية على المسؤولية المدنية من عدة أوجه من بينها :
- من حيث الاختصاص القضائي :
يجوز للمضرور أن يرفع
دعواه إما أمام المحكمة المدنية وهنا لا يمكن للمحكمة المدنية أن تبت في الدعوى
إلا بعد أن تبت فيها المحكمة الجنائية تبعا لمبدأ الجنائي يعقل المدني ، أو يرفع
الدعوى المدنية التابعة أمام المحكمة الجنائية عن طريق الادعاء المدني تبعا للدعوى
الجنائية التي تحركها النيابة العامة .
-
من حيث قوة الأمر المقضي به :
فعندما تبت المحكمة
الجنائية في الدعوى يحوز هذا الحكم قوة الأمر المقضي به ، وعلى المحكمة المدنية أن
تأخذ هذا الحكم بعين الاعتبار ، لكنها غير ملزمة به فهي لا تتقيد بما حكمت به من
براءة المتهم مثلا بل هي تكيف الوقائع تكييفا آخر لغرض الحكم بالتعويض ، أما إذا
حكمت المحكمة الجنائية ببراءة المتهم فلا يحق للقاضي المدني أن يحكم بالتعويض.
-من حيث وقف الدعوى : تأمر المحكمة المدنية بوقف الدعوى المدنية ريثما
يتم البت في الدعوى الجنائية .
- من حيث التقادم : الدعوى المدنية لا تسقط بالتقادم ما دامت الدعوى
الجنائية قائمة.
المسؤولية التقصيرية و
المسؤولية العقدية
المسؤولية التزام ناشئ عن
تصرفات ، فإذا ما أخل أحد بالتزام يقع عليه ترتب على هذا الإخلال مسؤولية مدنية ، فهي جزاء
الإخلال بالتزام سابق يترتب عنه تعويض عن الضرر الناجم عن إخلال المسؤول بهذا
الالتزام ، فإذا كان مصدر هذا الالتزام هو الإرادة ، كانت المسؤولية المتولدة عنه
عقدية ، أما إذا كان مصدر هذا الالتزام هو القانون كانت المسؤولية المتولدة عنه
مسؤولية تقصيرية.
- المسؤولية
العقدية
المسؤولية العقدية هي جزاء الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد ، أي عدم
تنفيذها أو التأخير في تنفيذها وهي لا تقوم إلا عند استحالة التنفيذ العيني، ولم
يكن من الممكن إجبار المدين على الوفاء بالتزاماته العقدية عينة، فيكون المدين
مسؤولا عن الأضرار التي يسببها للدائن من جراء ذلك، نتيجة عدم الوفاء بالالتزامات
الناشئة عن العقد كالتزام فنان بإقامة حفلة ، فيتخلف عن تنفيذ هذا الالتزام العقدي
وتمر المناسبة ، فيصبح تنفيذ الالتزام عينية مستحي"، فهنا وجب العدول إلى
التنفيذ بمقابل أو بطريق التعويض بدفع مبلغ من النقود ، أو كمسؤولية المقاول عن
التأخر في إقامة البناء الذي تعهد ببنائه عن الميعاد المتفق عليه، أو مسؤولية
البائع عن عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري إذا كان يتصرف فيه بعد البيع .
وحيث أن العقد شريعة
المتعاقدين، فإن عدم الوفاء به يستوجب التعويض، وهذا ما عبر عنه المشرع في الفصل
263 قانون الالتزامات و العقود إذ يقول " يستحق التعويض إما بسبب عدم الوفاء بالالتزام،
وإما بسبب التأخر في الوفاء، وذلك ولو لم يكن هناك أي سوء نية من جانب
المدين."
- المسؤولية التقصيرية
المسؤولية التقصيرية هي التي تنشأ عن الإخلال بالواجبات التي يفرضها القانون ،
مثال ذلك ضرورة إحترام حقوق الجوار، أو كمسؤولية سائق السيارة الذي يقودها دون
حيطة فيصيب إنسانا او يتلف مالا للغير ، أو كاشتراط القانون عدم الإضرار بالغير،
فكل من تسبب في وقوع هذا الضرر يلزم بأداء التعويض للطرف المضرور.
وقد قرر المشرع المغربي
هذه القاعدة في الفصل 77 من قانون الالتزامات و العقود بقوله " كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن
غير أن يسمح به القانون فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير ألزم مرتكبيه بتعويض هذا الضرر "
التمييز بين المسؤولية
التقصيرية والمسؤولية العقدية
بعض الفقه يرى أنه لا
تمييز بين المسؤوليتين هؤلاء هم أنصار نظرية وحدة المسؤولية بينما يرى آخرون أن هناك اختلافا بينهما وهم
أنصار مذهب ازدواج المسؤولية.
- فكرة ازدواج المسؤولية
يشكل أنصار نظرية ازدواجية
المسؤولية الاتجاه الحديث ، و هم يقولون بأن هناك فروقا هامة ما بين المسؤوليتين
العقدية و التقصيرية ، تقتضي وجوب التمييز بينهما حتى يطبق على كل منهما ما يخصه
من أحكام.
و يجملون هذه الفروق في
الوجوه التالية :
- من حيث الأهلية : في المسؤولية العقدية تشترط أهلية الرشد في أغلب
العقود ، أما في المسؤولية التقصيرية فتكفي أهلية التمييز.
- من حيث الاثبات : في المسؤولية العقدية يتحمل المدين عبء اثبات أنه
قام بالتزامه العقدي بعد أن يثبت الدائن وجود الحق ، أما في المسؤولية التقصيرية
فالدائن هو الذي يثبت أن المدين قد ارتكب عملا غير مشروع.
- من حيث التقادم :
تتقادم الدعوى في المسؤولية التقصيرية بمرور 15 سنة ( الفصل 106 من قانون العقود
والالتزامات) أما المسؤولية العقدية فتتقادم مبدئيا بمرور خمسة عشر سنة مع بعض الاستثناءات
كقضايا عقد النقل الجوي حيث ينص الفصل 220 من المرسوم المنظم للطيران المدني
والمؤرخ في 7 صفر 1382 موافق 10 يوليوز 1962، على أن الأجل سنتان تبتدئ من اليوم الذي وصلت فيه الطائرة او الذي كان يجب
أن تصل فيه الى المكان المحدد لها.
أو في النقل البحري
فالدعاوي الناتجة عن عقدة كراء السفينة تنقضي بمرور سنة واحدة ( انظر الفصل 263 من
القانون البحري).
- من حيث الإعذار :
في المسؤولية العقدية يشترط إعذار المدين ما عدا في حالات استثنائية ، بخلاف المسؤولية
التقصيرية التي لا يشترط فيها.
-من حيث التعويض : في المسؤولية العقدية لا يكون التعويض إلا عن
الضرر المباشر متوقع الحصول ، أما في المسؤولية التقصيرية فيكون التعويض عن أي ضرر
مباشر سواء كان متوقعا أم غير متوقع.
- من حيث التضامن : لا تضامن في المسؤولية العقدية ، إلا إذا اتجهت
إليه إرادة المتعاقدين صراحة وقد أكد المشرع هذه القاعدة في الفصل 164 (قانون العقود
والالتزامات ) الذي جاء فيه : " التضامن بين
المدينين لا يفترض، ويلزم أن ينتج صراحة عن السند المنشئ للالتزام أو عن القانون،
أو أن يكون النتيجة الحتمية لطبيعة المعاملة ".
أما في المسؤولية
التقصيرية فإن التضامن ثابت بحكم القانون في حال تعدد المسؤولين.
- من حيث درجة الخطأ : في المسؤولية العقدية إذا كان الالتزام بتحقيق غاية
تقوم المسؤولية عند
عدم تحقق النتيجة وإذا كان
الالتزام ببذل عناية فلا تقوم المسؤولية عن الخطا اليسير ، بينما تقوم المسؤولية
التقصيرية دائما سواء كان الخطأ جسيما أو يسيرا.
- من حيث الإعفاء من
المسؤولية : في المسؤولية العقدية
يجوز الاتفاق على الإعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها، ولا يمكن الاتفاق مسبقا
على مخالفة قواعد المسؤولية التقصيرية لأن لها علاقة
بالنظام العام.
- من حيث الاختصاص القضائي
: في المسؤولية العقدية
تختص المحاكم المدنية فيها دائما بينما في المسؤولية التقصيرية قد تنظر فيها محاكم
الاستئناف إذا كان الفعل يعتبر جريمة ، وبالنسبة اللمسؤولية العقدية فالمحكمة
المختصة هي محكمة المدعى عليه ما لم يتفق المتعاقدان على محكمة أخرى، أو ما لم يكن
القانون قد عين الاختصاص كما هو الشأن في القانون التجاري ، بينما في المسؤولية
التقصيرية فهي محكمة المدعى عليه كأصل عام .
- من حيث القانون الواجب
التطبيق : في المسؤولية العقدية إذا اختلف موطن المتعاقدين فالقانون الواجب
التطبيق هو قانون الدولة التي تم فيها إبرام العقد إلا إذا اتفق الطرفان على قانون
آخر ، أما في المسؤولية التقصيرية فالقانون الواجب التطبيق هو قانون الدولة التي
وقع فيها الضرر.
- فكرة وحدة المسؤولية
من أهم المناصرين لهذه
النظرية الفقيه بلانيول ، و هي تقوم على فكرة مفادها أن لا محل للتمييز بين
المسؤولية العقدية و المسؤولية التقصيرية ، فكلتاهما جزاء لالتزام سابق ، هذا
الجزاء إما أن يكون التزاما عقديا و إما أن يكون التزاما قانونيا ، و في كلتا
الحالتين تتحقق المسؤولية لسبب واحد هو إخلال المدين بهذا الالتزام ، فالمسؤوليتان تتحدان في السبب و
النتيجة ، فتكون طبيعتهما واحدة ولا مجالللتفريق بينهما.
وعلى الرغم من مناصرة فريق
من الفقهاء الوحدة المسؤولية المدنية، إلا أن معظم التشريعات المعاصرة أخذت
بازدواجية المسؤولية، فجلعت من المسؤولية التقصيرية مصدرا للالتزام، واعتبرت
المسؤولية العقدية أثرا من آثار العقد الذي تم الإخلال به.
الفصل الاول :
المسؤولية التقصيرية
العمل غير
المشروع هو العمل الذي يقوم به الشخص عن عمد الجريمة أو من غير عمد ( شبه الجريمة
) فيسبب ضررا للغير يترتب عليه التزام بإصلاحه عن طريق التعويض.
و لقد عانا المشرع العمل غير المشروع أو المسؤولية التقصيرية في الفصول من 77 إلى
106 من قانون الالتزامات ،ولقد أخذ المشرع بالمسؤولية التقصيرية انطلاقا من
القانون المدني الفرنسي فأقر نظرية المسؤولية التقصيرية المبنية على خطأ واجب
الإثبات، ثم تناول حالات من المسؤولية الموضوعية التي لا تستلزم إثبات الخطأ بل
تقوم على خطأ مفروض وجوده.
وهذه الحالات من المسؤولية الموضوعية هي حالا المسؤولية عن فعل الغير باستثناء
حالة مسؤولية المعلمين عن الضرر الحاصل من الطلاب إذ تتوقف على إثبات الخطأ في
جانب المعلم، وحالات المسؤولية الناشئة عن فعل الأشياء الحية و الجامدة. وبالإضافة
إلى ما ذكر عالج المشرع حالات خاصة من المسؤولية التقصيرية هي :
مسؤولية موظفي الدولة و البلديات .
مسؤولية القاضي الذي يخل بمقتضيات منصبه.
مسؤولية حائز الشيء.
المبحث الأول :
المسؤولية عن الفعل الشخصي
المسؤولية عن
الفعل الشخصي هي مسؤولية الشخص عن الفعل الذي يصدر منه بنفسه، ومن دون تدخل شخص
آخر أو شيء أو حيوان، وهي الأصل العام في المسؤولية، وتتميز بأنها تقوم على خطأ
واجب الإثبات أي خطأ يجب على المتضرر أن يثبته في جانبه المسؤول.
و المسؤولية عن الفعل الشخصي لا تقوم إلا بتوافر ثلاثة أركان أساسية وهي :
الخطأ الضرر علاقة سببية بين الخطأ و الضرر و بتوافر هذه الأركان تتحقق المسؤولية
التقصيرية و تنتج آثارها.
المطلب الأول :
الخطأ
في المسؤولية التقصيرية
لم يعط الفقه
تعريفا واحدا للخطأ لأن فكرة الخطأ فكرة غير مضبوطة الحدود، وقد عرفه الفقه التقليدي
بأنه عمل غير مشروع، وعرفه بلانيول بأنه إخلال بإلتزام سابق، وهذا الإلتزام قد
يكون عمل أو امتناع عن عمل، وعرفه سافيني بأنه إخلال بواجب قانوني و أخلاقي هو عدم
الإضرار بالغير، وقد عرف سليمان مرقس الخطأ بأنه إخلال بواجب قانوني مقترن بإدراك
المخل لنتائج أفعاله، ورغم أن جل التشريعات المقارنة لم تعرف الخطأ إلا أن المشرع
عرف الخطأ في الفقرة الثانية من الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود التي ورد
فيها: " والخطأ هو ترك ما كان يجب فعله وفعل ما كان يجب الإمساك عنه وذلك من
غير قصد لإحداث الضرر".
الفقرة الأولى :
أنواع الخطأ في المسؤولية التقصيرية
أولا :
الخطأ
الإرادي ( الجرم ) و الخطأ بإهمال ( شبه
الجرم )
الخطأ إما
إرادي يكون الخطأ عمدا ويسمى جرما، وإما يكون خطأ بإهمال ويسمى عندها شبه جرم،
فالخطأ العمد هو الذي يقع بقصد الإضرار بالغير (الفصل 77 من قانون الالتزامات
والعقود).
أما الخطأ
بإهمال فهو الذي يقع بدون قصد الإضرار كأن ينزلق أحد ويسقط على مال آخر فيتلفه (
الفصل 78 من قانون الالتزامات والعقود ).
وسواء كان الخطأ عمدا ( إراديا ) أو بإهمال فإن المسؤولية تترتب على مرتكبه في
الحالتين و إن كان القاضي يمل من الناحية العملية إلى الزيادة في التعويض في حالة
الخطأ العمد عنه في حالة الخطأ بإهمال.
ثانيا :
الخطأ الإيجابي و الخطأ السلبي
الخطأ
الإيجابي هو الذي يكون فيه فعل المخطئ عملا إيجابيا كما ورد في الفصل 78 من ق ل ع
هو الذي يقوم على فعلا كان ينبغي الإمتناع عنه كأن يصدم سائق السيارة أحد المارة
فيصيبه بجروح في حين أن الخطأ السلبي هو الذي يكون فعل المخطئ فيه عملا سلبيا أو حسب تعبير
المشرع في الفصل 78 من ق ل ع هو الذي يقوم على ترك ما كان يجب عمله، كأن يهمل سائق
السيارة إضاءة مصباح سيارته ليلا و يسبب حادث اصطدام بسيارة أخرى.
ثالثا :
الخطأ الجسيم و الخطأ اليسير
الخطأ الجسيم
هو الذي لا يرتكبه إلا شخص غبي كأن يسوق سائق السيارة ليلا بسرعة فائقة و دون
إضاءة فيتسبب في حادث اصطدام.
الخطأ اليسير هو الذي يرتكبه شخص متوسط الفطنة و الذكاء كأن يعمل مالك صيانة حائط حديقته
فينهار الحائط ويتلف مزروعات الجار.
الفقرة الثانية :
أركان الخطأ
في المسؤولية التقصيرية
إن مفهوم
الخطأ يقوم على ركنين أساسيين : ركن مادي وهو الفعل الذي ينطوي على إخلال بإلتزام
قانوني ويسمى اصطلاحا "بالتعدي"، وركن معنوي هو كون الفعل الذي ينطوي
على إخلال بإلتزام قد ارتكب ممن يدرك أن عمله ينطوي على الإضرار بالغير ويسمى
اصطلاحا " الإدراك أو التمييز.
أولا:
الركن
المادي في الخطأ " التعدي"
التعدي هو
الإخلال بإلتزام قانوني ويمكن أن يتخذ هذا الإخلال إحدى الصور الثلاثة التالية :
1 – مخالفة نص قانوني : إذا كان القانون قد نص على التزام محدد فالإخلال
بهذا الالتزام يعتبر تعديا يوجب المسؤولية فهناك مثلا يجرم القانون السرقة و الضرب
وأخذ مال الغير.
2 – مخالفة التزامات قانونية غير محددة في نصوص : فهذه الإلتزامات تكون من
قبيل الواجبات العامة التي تفرض على الإنسان احترام حقوق الغير و الامتناع عن
إيذائه.
3 – ممارسة الحق ممارسة تعسفية: إذا مارس شخص حقه وحصل أن أدت مارسته حقه
إلى الإضرا بالغير، فهل يسأل عن هذا الضرر؟ الأصل لا لأن المسؤولية التقصيرية
تتطلب أن يكون الضرر نجم عن خطأ، والخطأ لا يتوفر في الحالة التي يستعمل فيها
الإنسان حقا له دون أن يتجاوز الحدود المرسومة لهذا الحق الفصل 94
قانون الالتزامات والعقود، ولكن على سبيل الإستثناء يمكن أن يقع استعمال
الحق على نحو يكون فيه الشخص مخطئا وهذا ما يسمى بالتعسف في استعمال الحق، ويعتبر
الشخص متعسفا في استخدام حقه في الحالات التالية :
- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها صاحب الحق قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب
مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
- إذا لم يقصد من وراء استعمال حقه سوى الإضرار بالغير (الفقرة الثانية الفصل 94 ق
ل ع).
- إذا كان صاحب الحق قد تجاوز في ممارسة حقه الحدود المألوفة الفصل 92 ق ل ع.
ثانيا :
الركن المعنوي في الخطأ " الإدراك و التمييز
"
يجب لقيام
الخطأ أن يكون من ارتكب التعدي مدركا لهذا التعدي أي قادرا على التمييز بين الخير
والشر، والنفع والضرر، فيدرك أن تعديه يلحق ضررا بالغير، فالتمييز هو مناط
المسؤولية التقصيرية، هذه المسؤولية تقوم إذا وجد التمييز وتنعدم إذا فقد، هذا ما
نصت عليه الفصول 93 و 96 و 97 من قانون الالتزامات والعقود على النحو التالي :
– فيما يتعلق بصغر السن، لا يسأل الصبي غير المميز مسؤولية تقصيرية ، أما من كان مميزا
أي بالغا 12 سنة من عمره، فإنه يسأل مسؤولية تقصيرية كاملة.
– المجنون لا يسأل عن العمل الشخصي ما لم يثبت أن العمل الضار قد ارتكب وهو في
حالة إفاقة.
– الصم و البكم وغيرهما من ذوي العاهات يسألون مبدئيا عن الأضرار الناجمة عن
أخطائهم لتوافر الإدراك عندهم ما لم يقم الدليل على أنهم لا يتمتعون بالدرجة
اللازمة من التمييز لتقدير نتائج أعمالهم الفصل 97 ق ل ع.
– ينعدم التمييز لغير الصغر الجنون كما في حالة مرض النوم و إصابة بالصرع و
الإدمان على السُكرْ، على أمه في مثل هذه الحالات يشترط لانتفاء مسؤولية الشخص أن
لا يكون فقدان التمييز راجعا إلى خطأ منه الفصل 93 قانون الالتزامات والعقود.
ثالثا:
الحالات التي لا يكون فيها الخطأ سببا للمسؤولية
لا يترتب على
الخطأ اية مسؤولية ويتحقق ذلك في ثلاث حالات وهي :
1 – إعطاء بيانات غير صحيحة
عن حسن نية ودون علم بعدم صحتها
لقد نص على هذه الحالة الفصل 82 ق ل ع بقوله "من يعطي بحسن نية ومن غير خطأ
جسيم أو تهور بالغ من جانبه، بيانات وهو يجهل عدم صحتها، لا يتحمل أي مسؤولية تجاه
الشخص الذي
اعطيت له :
- إذا كانت له أو لمن تلقى البيانات مصلحة مشروعة في الحصول عليها.
- إذا وجب عليه، بسبب معاملاته أو بمقتضى التزام قانوني، أن ينقل البيانات التي
وصلت إلى علمه.
2 - مجرد النصيحة أو
التوصية في غير الحالات التي نص عليها الفصل 83 ل ع
إن النصيحة أو التوصية إن أحدثت ضررا لمن أسديت له رتبت المسؤولية على من أسداها
في الحالات التالية :
- إذا أعطى النصيحة قصد خداع الطرف الآخر.
- إذا كان بسبب تدخله في المعاملة بحكم وظيفته.
- إذا ارتكب خطأ ما كان ينبغي أن يرتكبه شخص في مركزه ونتج عن هذا الخطأ ضرر
للطرف الآخر .
- إذا ضمن نتيجة المعاملة.
- 3 الدفاع الشرعي
نص الفصل 95 من ق ل ع على أنه لا محل للمسؤولية المدنية في حالة الدفاع الشرعي
وأوضح أن حالة الدفاع الشرعي هي الحالة التي يجبر فيها شخص على العمل لدفع اعتداء
حال غير مشروع موجه لنفسه أو لماله أو لنفس الغير أو لماله.
فمن يحدث ضرر للغير وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو ماله أو عن نفس الغير أو
ماله لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يلحق بالغير على أنه لابد حتى يتحقق ذلك من
توافر الشرطين التاليين :
- يجب أن يكون هناك اعتداء حال لا سبيل إلى دفعه إلا بإيقاع الأذى بالمعتدي.
- يجب أن يكون الإعتداء الموجه للمدافع عملا غير مشروع فلا يجوز دفعه بالمجرم الذي
يطارده شرطي للقبض عليه، فلا يحق له مقاومة الشرطي بحجة الدفاع الشرعي.
الفقرة الثالثة :
إثبات الخطأ
في المسؤولية التقصيرية
لكي يعلن عن
مسؤولية الشخص عن فعله يجب إثبات أنه قد ارتكب خطأ، ويقع على عاتق المطالب بالتعويض
أي المضرور أو ذوي حقوقه عبء الإثبات، ومن أجل ذلك يمكن اللجوء إلى وكل طرف
الإثبات.
فإذا أدى المتسبب في الضرر بأنه كان فاقدا لقوة الإدراك وقت حدوث الخطأ منه فإن
إثبات ذلك يقع عليه .
وفي كل الأحوال يكون للقاضي تقدير قيمة الوسائل الإثباتية المستعملة و الأخذ بها
أو رفضها بحسب الظروف المحيطة وبسبب المناقشة التي تجري بين الأطراف.
المطلب الثاني:
ضرر
في المسؤولية التقصيرية
الضرر هو
الركن الثاني للمسؤولية وهو ركن ضروري لقيام الالتزام بالتعويض، فقد علق المشرع في الفصلين 77 و 78 من ق ل ع ، تحقق مسؤولية
مرتكب العمل الضار على وقوع ضرر للغير.
فالضرر هو الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له، وهذه المصالح
إما مادية أو معنوية، وعليه سوف نناقش في موضوع الضرر : الضرر المادي الذي قد يصيب
الإنسان إما في ذمته المالية أو في جسمه، و الضرر المعنوي و الذي ينتج عن إصابة
الشخص في كرامته نظرا للمس بشرفه أو سمعته ، على أن نتطرق للتمييز بين الضرر
المستقبل و الضرر المحتمل في نقطة ثالثة.
الفقرة الأولى :
ضرر المادي
في المسؤولية التقصيرية
ضرر المادي هو
كل ضرر يصيب الشخص في حق من حقوقه أو مصلحة مشروعة له فيسبب له خسارة مادية وهي
نوعان : الضرر الجسماني وهو الذي يصيب الشخص في جسمه فيؤثر على سلامته مما يكبده
مصاريف العلاج، و الضرر المالي هو الذي يمس بالحقوق المالية للشخص فيفقر ذمته
المالية.
ولا بد في الضرر المادي حتى يصلح أساسا للتعويض من الشرطين التاليين :
1 - الشرط الأول :
يجب أن يصيب الضرر حقا أو مصلحة للمضرور
قد يصيب
الضرر حق للمضرور كالإعتداء على حياة الشخص أو الإعتداء على سلامة الجسم إذا كان
من شأنه أن ينال من قدرة الشخص على الكسب أو يكبده نفقة في علاجه ، و الإعتداء على
أموال الشخص كحرق منزله أو إتلاف أثاثه وقد يصيب الضرر مجرد مصلحة مالية للمضرور ويشترط
في المصلحة التي تمس أن تكون مصلحة مشروعة و إلا فلا يجوز الحكم بالتعويض.
2 - الشرط الثاني :
يجب أن يكون ضرر محققا
الضرر يعتبر
محققا إذا كان حالا أو وقع فعلا كأن يكون المضرور قد مات أو أصابه جرح في جسمه أو
لحقه تلف في ماله، وكذلك يعتبر الضرر محققا إذا كان من قبيل الضرر المستقبل اي
الضرر الذي و إن لم يقع بعد إلا أنه محقق الوقوع في المستقبل كأن يصيب شخص بإصابة
تعطله عن العمل في الحال و يكون من المؤكد أنها ستؤثر في قدرته على العمل في
المستقبل.
فالتعويض في هذه الحالة يجب أن يشمل الضرر الحال و الضرر الذي سيقع في المستقبل،
وقد لا يكون بالمستطاع تقدير الضرر المستقبل في الحال لأنه يتوقف على أمر لم تتبين
حقيقته بعد، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي إما أن يحكم بالتعويض عن الضرر الحال،
ويحفظ للمضرور الحق في أن يطالب بالتعويض عن الضرر المستقبل وإما أن يؤجل الحكم
بالتعويض حتى يتبين مدى الضرر كله الحال والمستقبل.
الفقرة الثانية :
ضرر المعنوي
في المسؤولية التقصيرية
ضرر المعنوي
أو ضرر الأدبي هو الذي يصيب الإنسان من ناحية غير مالية فهو يصيب الجسم من جراء
جروح أو عاهات تسبب الألم في نفس المصاب، وهو قد يكون الشرف و الإعتبار كما في
حالة هتك العرض أو القذف أو السب وقد يصيب شعور الإنسان في عاطفته كما في حالة
الإعتداء على الأب أو الأم أو الزوجة، وقد يحصل أن يكون الضرر المعنوي مقترنا بضرر
مادي كالاعتداء بالضرب و الجرح و الذي قد ينتج عنه عجز في القدرة على الكسب.
إن الفقه و القضاء في فرنسا يجمعان اليوم على جواز التعويض عن الضرر المعنوي و قد
أخذق ل ع بهذا الحل بنص صريح حيث ورد في الفصلين 77 و 78 من قانون الالتزامات
والعقود على أن كل شخص يسأل عن الضرر
المادي و المعنوي الذي يحدثه للغير .
و لابد في الضرر المعنوي من أن يكون محققا حتى يعطي الحق في التعويض شأنه في ذلك شأن
الضرر المادي أما الضرر المعنوي المحتمل فهو لا يكفي لمنح حق المطالبة بالتعويض.
هذا فكل شخص يصاب بضرر معنوي يثبت به الحق في التعويض عنه شرط أن يقيم الدليل على
أن مثل هذا الضرر قد أصابه، وإذا توفي المضرور ضررا معنويا بعد إقامة الدعوى
بالمطالبة بالتعويض فإن حقه في التعويض يعد جزءا من ذمته المالية و ينتقل إلى
الورثة شأن سائر الحقوق الداخلة في هذه الذمة المالية.
الفقرة الثالثة :
ضرر المستقبل و ضرر المحتمل
الضرر
المستقبل محقق الوقوع لذلك يجب التعويض عنه، أما الضرر المحتمل فهو غير محقق الوقوع
فقد يقع و قد لا يقع لذلك لا يصح التعويض عنه، وإنما يجب الإنتظار إلى أن يقع ،
كأن يرتكب شخص عملا يؤدي إلى إتلاف مزروعات جاره ويخشى معه أن تصبح الأرض غير
صالحة للزراعة لعدة سنوات ففي هذه الحالة يكون الضرر المحقق الذي يجب التعويض عنه
هو التلف الذي أصاب المزروعات، أما عدم صلاحية الأرض للزراعة فالضرر محتمل لا يجب
التعويض عنه إلا إذا وقع.
المطلب الثالث :
العلاقة السببية
في المسؤولية التقصيرية
لا يكفي
لقيام المسؤولية التقصيرية أن يكون هناك خطأ من جهة وضرر من جهة أخرى بل لابد أن
يكون الخطأ هو الذي أدى إلى وقوع الضرر أو بعبارة أخرى لابد من قيام الرابطة
السببية بين الخطأ الذي ارتكبه المسؤول وبين الضرر الذي أصاب المضرور، وتتمتع
محكمة الموضوع بسلطة تقديرية مطبقة في تعيين رابطة السببية بين الخطأ الضرر ويترتب
على وجوب قيام هذه الرابطة السببية أمرين : أولهما الضرر المباشر وهو وحده الذي
يجب التعويض عنه لأن هذا الضرر هو وحده الذي تقوم بينه وبين الخطأ المسؤول، و
ثانيهما انتفاء علاقة السببية في حالات خاصة.
الفقرة الأولى :
قيام العلاقة السببية ( الضرر المباشر )
ورد التنصيص
على الضرر المباشر في الفصل 264 من ق ل ع المتعلق بآثار الإلتزام بوجه عام، و سواء
تعلق الأمر بمسؤولية تقصيرية أو عقدية ، فقد نص هذا الفصل على وجوب الاعتداد
بالضرر المباشر حيث قال في معرض حديثه عن الضرر أن الضرر هو ما يلحق الدائن من
خسارة حقيقية وما فاته من كسب كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالإلتزام ، و
يضاف إلى ذلك أن الفصل 77 و 78 من ق ل ع قررا مسؤولية مرتكب الفعل الضار إزاء
المضرور، معلقا صراحة ترتب هذه المسؤولية على كون الخطأ هو السبب المباشر في حصول
الضرر.
ويقصد بالضرر المباشر ما كان نتيجة طبيعية للخطأ الذي أحدثه المسؤول و الذي لم يكن
باستطاعة المضرور أن يتفاداه ببذل جهد معقول.
الفقرة الثانية:
انتفاء العلاقة السببية في المسؤولية التقصيرية
تنتفي علاقة
السببية في ثلاث حالات وهي :
أولا :
خطأ المضرور
قد يكون
الضرر الذي لحق بالمضرور أو المتضرر نتيجة خطأ المضرور وحده ، وقد يكون
هذا الضرر نشأ عن خطأ المضرور من جهة و المدعى عليه في دعوى المسؤولية من جهة
ثانية.
-1 فرضية خطأ المضرور
وحده
كما لو حاول شخص أن يركب القطار أثناء سيره فنزل قدمه فيسقط ويصاب بجروح ورضوض
ففي هذه الحالة لا مكان للمسؤولية التقصيرية إذ أن المضرور هو الذي ألحق الضرر
بنفسه.
2 - فرضية الخطأ المشترك
كما لو حصل اصطدام بين سيارتين نتيجة خطأ سائقي السيارتين وهنا توزع المسؤولية حسب
جسامة الخطأ الذي صدر من كل منهما.
ثانيا :
القوة القاهرة والحادث الفجائي
حسب الفصل 95
ق ل ع فلا محل للمسؤولية المدنية إذا كان الضرر نتج عن حادث فجائي أو قوة قاهرة لم
يسبقهما أو يصحبهما فعل يؤاخذ به المدعى عليه.
1 - شروط القوة القاهرة
والحادث الفجائي
يشترط في حادث معين كي يعتبر بمثابة قوة قاهرة أو حادث فجائي تنتفي معه المسؤولية
التقصيرية أن تتوفر فيه الشروط التالية :
- أن يكون الحادث أمرا لا يمكن توقعه فإذا أمكن توقعه فلا يشكل قوة قاهرة أو حادث
فجائي
حتى لو استحال دفعه.
- أن يكون الحادث أجنبيا عن المدعى عليه ( لا يد له فيه ) عدم وجود خطأ من جانب
المسؤول.
- أن يكون الحادث مما يجعل تفاديه أمرا مستحيلا لا يستطاع منعه.
- يجب أن يكون الحادث هو السبب المباشر للضرر.
2 - آثار القوة القاهرة
والحادث الفجائي
إذا كانت القوة القاهرة أو الحادث الفجائي السبب الوحيد في وقوع الضرر فإن علاقة
السببية بين الخطأ و الضرر تكون مفقودة و بالتالي لا تتحقق المسؤولية كما لو هبت
عاصفة فقلبت السيارة على أحد المارة فأصابته، وهذا ما أوضحه الفصل 95 ق ل ع إذ
اشترط لعدم ترتب المسؤولية التقصيرية أن يكون الضرر قد حصل بقوة قاهرة أو حادث
فجائي لم يسبقها او يصحبها فعل يؤاخذ به المدعى عليه ،
أما إذا اشتركت القوة القاهرة و الحادث الفجائي مع خطأ من المدعى عليه في إحداث
الضرر كان المدعى عليه مسؤولا مسؤولية كاملة لأن خطأه هو الذي يعتبر السبب المباشر
في وقوع الضرر.
ثالثا –
خطأ الغير
في المسؤولية المدنية
الغير هو كل
شخص غير المتضرر وغير المدعى عليه ومن يتبعه أو يخضع لرقابته، فإذا أثبت المدعى
عليه في دعوى المسؤولية أن الضرر كان بسبب خطأ شخص من الغير وحده و أنه كان يستحيل
توقعه أو دفعه، انتفت المسؤولية عنه باعتبار أن الخطأ أجنبي عنه واعتبر الغير
مسؤولا وحده.
لكن إذا كان بجانب خطأ الغير خطأ المدعى عليه، فإن كلاهما إذا أدخلا في الدعوى يعد
مسؤولا عن
تعويض الضرر.
وفعل الغير لا يعتبر سببا أجنبيا عن المدعى عليه إلا إذا كان ذلك الغير من غير
الأشخاص الذين يسأل عنهم المدعى عليه فإذا كان تابعا له أو كان خاضعا لرقابته، فلا
يكون للخطأ الصادر عنه أثر على مسؤولية المدعى عليه.
المطلب الرابع:
آثار المسؤولية عن الفعل الشخصي
إذا توافرت
أركان ( شروط ) المسؤولية عن العمل الشخصي التي هي الخطأ و الضرر و العلاقة السببية
ترتب على ذلك نشوء التزام على عاتق المسؤول بتعويض المضرور عما أصابه من ضرر.
فإذا لم يقم
المسؤول بدفع التعويض رضاءاً، فيمكن للمتضرر إجباره على ذلك عن طريق دعوى المسؤولية
المدنية.
الفقرة الأولى :
دعوى المسؤولية
سنتطرق في
دعوى المسؤولية إلى أربعة مسائل :
أولا :
الاختصاص
من حيث
الإختصاص النوعي تقام الدعوى أمام المحكمة الإبتدائية، وفي حالة كان مبلغ التعويض
أقل من 5000 درهم ترفع الدعوى أمام قضاء القرب ومن حيث الإختصاص المكاني، فلمضرور
الخيار بين أن يرفع دعواه أمام المحكمة التي يوجد في دائرتها موطن المسؤول، أو أن يرفعها
أمام المحكمة التي وقع بدائرتها العمل المسبب للضرر.
ثانيا :
الأطراف في الدعوى
إن المدعى
عليه في دعوى المسؤولية التقصيرية هو الشخص المسؤول عن الضرر اللاحق بالمضرور،
وإذا توفي هذا الشخص المسؤول فإن الإلتزام بالتعويض ينتقل إلى تركته حسب الفصل 105
قانون الالتزامات والعقود .
أما المدعي في دعوى المسؤولية التقصيرية فهو الشخص الذي أصابه الضرر، وقد يحصل أن يكون
الضرر اصاب عدة أشخاص فلكل واحد من هؤلاء حق مستقل بالمطالبة بالتعويض عن الضرر الذي
لحق به.
و إذا كان المضرور فاقد الأهلية أو ناقصها فالدعوى تقام من قبل نائبه الشرعي أي من
قبل الولي أو الوصي أو المقدم بحسب الأحوال.
وفي حالة وفاة المضرور ينتقل حقه بالتعويض إلى ورثته عندما يرفع المضرور الدعوى
قبل وفاته.
ثالثا :
الإثبات
المسؤولية عن
العمل الشخصي تتطلب أن يرتكب شخص خطأ وينشأ عن هذا الخطأ ضرر لشخص آخر وتقوم علاقة
السببية بين الضرر الذي لحق بالمضرور و الخطأ الذي ارتكبه المسؤول فعلى من يرفع
دعوى المسؤولية التقصيرية أن يثبت هذه الأمور جميعها وبالتالي أن يقيم الدليل على
وجود الخطأ ،ثم وجوب الضرر ثم علاقة السببية بين الخطأ و الضرر، وبوسعه أن يقيم
هذا الدليل بجميع الطرق الثبوتية ولاسيما الشهادة و القرائن.
رابعا :
تقادم دعوى المسؤولية
إن دعوى
التعويض من جراء جرم أو شبه جرم تتقادم بمضي خمس سنوات تبتدئ من الوقت الذي بلغ
إلى علم المتضرر ومن المسؤول عنه ، و تتقادم في جميع الأحوال بمضي عشرين سنة تبتدئ
من وقت
حدوث الضرر.
الفقرة الثانية :
التعويض عن الضرر
إذا وقع عمل غير
مشروع كان للمضرور الحق في تعويض عما لحق به بهذا العمل من ضرر، وقد أيد المشرع حق
المضرور في تعويض في الفصلين 77 و 77 ق ل ع ، وقرر في الفصول من 98 إلى 100 من
قانون الالتزامات والعقود ، بعض الأحكام الواجبة التطبيق في حقل التعويض وتتلخص
هذه الأحكام بالقواعد التالية :
– القاعدة الأولى : يجب أن يكون التعويض عن الضرر تعويضا كاملا، بحيث يشمل
الخسارة التي لحقت المدعي و المصروفات الضرورية التي اضطر أو سيضطر إلى إنفاقها
لإصلاح نتائج الفعل الذي ارتكب إضرارا به، وكذلك الكسب الذي فاته ( الفقرة الأولى
من الفصل 98 ق ل ع ) .
– القاعدة الثانية : يجب على المحكمة عند تقديرها للأضرار أن تدخل في
اعتبارها جسامة الخطأ الصادر من المسؤول، وتراعي ما إذا كان الضرر الذي أصاب المضرور
قد نجم نتيجة خطأ عادي أم نتيجة تدليس من المسؤول ( الفقرة الثانية من الفصل
98 قانون الالتزامات والعقود ) .
– القاعدة الثالثة : إذا وقع ضرر من أشخاص متعددين يعملون متوافقين كان كل
منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج لا فرق بين من كان منهم محرض و شريكا أو فاعلا
اصليا ( الفصل 99 ق ل ع) .
– القاعدة الرابعة : إذا تعدد المسؤولون عن الضرر و تعذر تحديد فاعله
الأصلي من بينهم أو تعذر تحديد النسبة
التي أسهموا بها في الضرر فإنه يحكم عليهم على وجه التضامن بالتعويض عن الضرر (
الفصل 100 من قانون الالتزامات والعقود ) .
الفقرة الثالثة :
الإتفاق على الإعفاء من المسؤولية التقصيرية
قد تبرم
اتفاقات بغية تعديل الآثار المترتبة على المسؤولية التقصيرية فما هو حكم هذه الإتفاقيات
؟
يجب التمييز بين الاتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية وبين الاتفاقات التي تبرم
مسبقا :
بالنسبة للاتفاقات التي تبرم بعد تحقق المسؤولية هي اتفاقات صحيحة وتنتج آثارها
سواء كان من شأن
هذه الإتفاقيات الإعفاء أو التخفيف أو التشديد ، فهكذا يصح للمضرور أن يتنازل عن
حقه في التعويض
كما يصح أن يقبل بتعويض أقل، وكذلك يصح أن يلزم المسؤول نفسه بتعويض أبهظ إذ ليس
في ذلك ما
يخالف النظام العام.
أما بخصوص الاتفاقيات التي تبرم قبل تحقق المسؤولية فهي ممنوعة قانونا ، وتعتبر
عديمة الأثر سواء كانت هذه الاتفاقيات تتعلق بالمسؤولية الناجمة عن الجرم ، أم
بالمسؤولية الناجمة عن شبه الجرم وذلك ما ورد النص عليه في الفصلين 77 و 78 ق ل ع.
المبحث الثاني :
المسؤولية عن
فعل الغير
الأصل أن
الإنسان لا يسأل إلا على عمله الشخصي، لكن يمكن على وجه الإستثناء أن يرتب القانون
على الشخص مسؤولية عمل قام به غيره، وفي هذه الحالة لا تقوم المسؤولية إلا بالنسبة
للأشخاص الذين عددهم القانون حصرا في الفصل 85 فقرة أولى ، وعليه سنتطرق لما يلي
في موضوع المسؤولية عن فعل الغير.
– المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على افتراض الخطأ الواجب الإثبات (
حالة مسؤولية رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن الأطفال و التلاميذ ) .
– المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على افتراض الخطأ القابل لإثبات العكس
إذ سنتناول حالة مسؤولية الآباء و الأمهات عن أبنائهم القاصرين ، ومسؤولية أرباب
الحرف الصنائع عن تلامذتهم، ومسؤولية متولي الرقابة على المجانين و المختلين
عقليا.
- المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات
العكس حالة مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه .
المطلب الأول :
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على
الخطأ الواجب الإثبات
ابرز مثال
على قيام هذا النوع من المسؤولية هو :
مسؤولية
رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن الأطفال والتلاميذ
تدخل مسؤولية المعلمين و الأساتذة عن الأطفال و الشبان الذين هم في عهدتهم ضمن
حالات المسؤولية عن فعل الغير، وبالرغم من أن هذه المسؤولية تقترب من حيث شكلها
العام بالمسؤوليات الموضوعية، إلا أنه يسري عليها ما يسري على المسؤولية الشخصية
من أحكام خصوصا ما يتعلق
بالإثبات إذ أن المشرع أسس هذه المسؤولية على خطأ واجب الإثبات من طرف المدعي وفق
أحكام
الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود .
فما هو نطاق تطبيق مقتضيات الفصل 85 مكرر ق ل ع ؟ وماهي الأحكام الخاصة بمسؤولية
رجال التعليم و موظفي الشبيبة و الرياضة عن الأطفال و التلاميذ ؟
الفقرة الأولى :
شروط تطبيق مقتضيات الفصل 85 مكرر من من قانون الالتزامات والعقود.
من خلال
قراءة الفصل 85 مكرر ق ل ع المتعلق بمسؤولية رجال التعليم، يتضح لنا أن تطبيق مقتضيات
هذه المسؤولية يستلزم توافر شرطين :
– أن يوجد طفل أو شاب تحت إشراف معلم أو موظف تابع للشبيبة و الرياضة مفاد
هذا الشرط أن مسؤولية المعلمين وموظفي الشبيبة و الرياضة عن الأضرار التي يتسبب
فيها الأطفال والشبان الذين هم في عهدتهم، تقتصر على الفترات التي يكون فيها هؤلاء
الأطفال و الشبان تحت إشرافهم، ويتعلق الأمر بأوقات الدراسة وممارسة التداريب
الرياضية بما في ذلك فترة الاستراحة ، و أثناء القيام بالرحلات الجماعية للتلاميذ
خارج المؤسسة ، أما مصطلح معلمين فيشمل شريحة المعلمين العاملين في إطار الوظيفة
العمومية، أو التعليم الخصوصي، وليس هناك ما يمنع من تطبيق قواعد المسؤولية على
أساتذة التعليم الثانوي لاتحاد العلة، وهي إمكانية التحكم في سلوك التلاميذ لوجود
نوع من الانضباط في متابعتهم للحصص الدراسية، أما بالنسبة لأساتذة التعليم الجامعي
فإنهم لا يخضعون لمقتضيات الفصل 85 مكرر، وذلك لانعدام عنصر الرقابة على طلبتهم.
– أن يتسبب الطفل أو التلميذ أثناء فترة الدراسة أو تلقي التمارين الرياضية
إلحاق ضرر بالغير
إن هذا النوع من المسؤولية لا يتحقق إلا إذا تسبب الطفل أو التلميذ في حصول ضرر
للغير، وهنا يتعين أخذ مصطلح الغير بمفهومه الواسع فهو لا يقتصر على الأشخاص
الأجانب الذين لا علاقة لهم بالمؤسسة التعليمية أو الرياضية، و إنما يشمل باقي
الأشخاص الآخرين الذين يوجدون في نفس المؤسسة التي يوجد لها الطفل الذي تسبب في
وقوع الفعل الضار بما في ذاك الأطفال الذين يشاركونه في تلقي الدروس و التمارين
الرياضية.
الفقرة الثانية:
الأحكام الخاصة بمسؤولية رجل التعليم
يمكن القول
أن مسؤولية رجل التعليم عن الأخطاء التي يتسبب فيها الأطفال الذين هم في عهدته تجد
أساسها في الفصل 85 مكرر ق ل ع، يستخلص منه ما يلي :
1 – أسس المشرع مسؤولية رجل التعليم و مدربي الرياضة على خطأ واجب الإثبات، ومعنى
هذا أن الطرف المضرور عليه أن يقيم الدليل على نص الحراسة أو انعدام الرقابة في
جانب المعلم أو الأستاذ الذي يتولى تربية و تهذيب الطفل الذي تسبب في وقوع الفعل
الضار.
2 – عندما يتعلق الأمر بمسؤولية رجل التعليم في القطاع العمومي فإن الدولة تحل
محله في الأداء، فالمضرور له الحق في رفع دعواه مباشرة ضد الدولة وذلك خلال فترة
السنوات الثلاث الموالية لارتكاب الفعل الضار، وتعد مهلة ثلاث سنوات السابقة مدة
تقادم الدعوى وليس سقوط الحق في المطالبة بالتعويض.
3– يترتب على حلول الدولة محل رجل التعليم المنتمي للقطاع العام في الأداء،
إمكانية ممارسة الدولة لحق الرجوع على هذا الموظف المسؤول عن وقوع الفعل الضار،
ونظرا لارتباط رجل التعليم بالدولة بمقتضى علاقة التوظيف العمومي، فإن دعوى رجوع
الدولة على الشخص المسؤول يتعين رفعها وفق قواعد المسؤولية الإدارية.
المطلب الثاني :
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على
افتراض الخطأ القابل لإثبات العكس
يندرج ضمن
هذا الصنف من المسؤولية عن فعل الغير كل من مسؤولية الآباء والأمهات عن المضار
التي يتسبب فيها ابناؤهم القاصرون ( الفقرة الأولى )، وكذلك مسؤولية ارباب الحرف و
الصنع عن أخطاء متعلميهم ( الفقرة الثانية)، بالإضافة إلى مسؤولية من يتولى رقابة
المجانين و المختلين عقليا ( الفقرة الثالثة) .
الفقرة الأولى:
مسؤولية الآباء و الأمهات عن أبنائهم القاصرين
تعد مسؤولية
الآباء و الأمهات عن أبنائهم القاصرين من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن فعل
الغير وقد أشار إليها المشرع في الفقرة الثانية من الفصل 85 قانون الالتزامات
والعقود.
1– تعيين المسؤولين عن
رقابة القصر
ورد في الفصل 85 ق ل ع أن الأب فالأم بعد موته يسألان عن الضرر الذي يحدثه
ابناؤهما القصر المقيمين معهما، أما الوصي و غيره من الاصول والأقارب كالأعمام و
الأخوات و العمات والخالات فلا يسألون عن الضرر الذي يحدثه القاصر ولو كان مقيما
معهم على أن الوصي أو القريب غير الأب أو الأم الذي يقيم معه القاصر لئن كان لا
يسأل على أساس الفصل 85 ق ل ع فإنه يمكن مسائلته على أساس المسؤولية الشخصية إذا
كان الفعل الضار الذي صدر عن القاصر يعزى لخطأ ارتكبه الوصي أو القريب الذي يقيم
معه القاصر إنما لا بد في هذه الحالة إثبات الخطأ في جانب المسؤول وفقا لمبادئ المسؤولية
التقصيرية.
-2 ارتباط مسؤولية
الآباء و الأمهات بولايتهم على أبنائهم
لئن كان الآباء و الأمهات يسألون عن الأعمال الضارة التي يرتكبها أولادهم القصر
المقيمين معه فذلك للولاية التي يتمتع بها الآباء والأمهات على أبنائهم وما يستتبع
هذه الولاية من التزام بالقيام برقابة و تربية من هم في كنفهم من القصر، وارتباط
مسؤولية الآباء و الأمهات بالولاية يقودنا إلى ما يلي :
أ – رتب المسؤولية مبدئيا على الأب، لأنه هو صاحب الولاية في الاصل، أما
الأم فلا تتحمل المسؤولية إلا بعد موت الأب، أو إذا حصل طلاق أو تطليق و تقرر أن
يكون الولد القاصر في حضانة أمه.
ب – تزول مسؤولية الأب والأم ببلوغ إبنهما سن الرشد، فإذا ارتكب عملا غير
مشروع يتحمل هو مسؤولية هذا العمل لا يمكن مساءلة الأب و الأم إلا إذا أثبت المضرور
ارتكابهما خطأ معين يبرر هذه المسؤولية.
ج – لا تترتب مسؤولية الأب و الأم عن إبنهما القاصر إلا إذا كان يعيش في كنفهما
و يوجد تحت رقابتهما، وهذا ما أورده المشرع عندما حصر في الفصل 85 ق ل ع
مسؤولية الوالدين في الضرر الذي يحدثه القاصر المقيم معهما فليس المقصود هنا
بالإقامة مع الوالدين السكنى معهم، فالأب والأم يسألان عن الضرر الذي يحدثه إبنهما
حتى لو طرداه من المسكن أو غادر المنزل، بل القصد هو أن يكون في كنفهما أو تحت
رقابتهما، لا تحت رقابة شخص آخر كمعلم المدرسة أو رب الحرفة ، فالقاصر إذا ذهب إلى
المدرسة انتقلت رقابته إلى معلمه، هذه الرقابة محصورة بالوقت الذي يكون فيه القاصرون
في المدرسة.
وانطلاقا مما سبق فإنه لقيام هذا النوع من المسؤولية يجب توافر شروط ثلاث :
- أن يكون الولد قاصرا.
- أن يكون الولد ساكنا مع أبويه.
- أن يرتكب الولد فعلا ضارا بالغير
-3 دفع مسؤولية الآباء و
الأمهات عن أبنائهم القاصرين
إن مسؤولية الأب أو الأم تقوم على خطا مفترض بمقتضى قرينة قانونية، وهذه القرينة
تقبل النقض بالبينة المعاكسة، وفي هذا ينص المشرع في الفصل 85 من قانون الالتزامات
والعقود :
" وتقوم المسؤولية إلا إذا اثبت الأب أو الأم أنهما لم يتمكنا من منع وقوع
الفعل الذي أدى إليها ".
فالأب والأم يستطيعان نفي الخطأ عن نفسيهما إذا ثبت أنهم اتخذا الاحتياطات اللازمة
للحيلولة دون وقوع العمل الذي أضر بالغير، وكذلك يستطيعان دفع مسؤوليتهما بنفي
العلاقة السببية بين الخطأ المفترض في جانبهما و العمل الضار الذي ارتكبه القاصر
نتيجة سبب أجنبي رغم كل الاحتياطات، كما لو أصيب الولد بعارض جنون مفاجئ فقدف أحد
المارة بحجر وجرحه لترتب على ذلك انتفاء علاقة السببية.
4 – آثار مسؤولية الآباء
و الأمهات عن أبنائهم القاصرين
إذا أثبت المضرور توافر شروط المسؤولية الثلاث السابقة حق له أن يطالب بالتعويض عن
الضرر اللاحق به من الاب أو الأم مباشرة، وذلك من دون إثبات أنهما ارتكبا خطأ في
المراقبة أو التربية لأن هذا الخطأ مفترض في حقهما مبدئيا.
الفقرة الثانية :
مسؤولية أرباب الحرف عن متعلميهم .
كما هو الأمر
بالنسبة لمسؤولية الأبوان عن ابنائهم القاصرين فإن المشرع أسس مسؤولية أرباب الحرف
و الصنائع على الأضرار التي يتسبب فيها متعلمي الحرفة أو الصنعة على خطأ مفترض
قابل لإثبات العكس، ينص الفصل 85 من قانون الالتزامات والعقود في الفقرة الرابعة
منه : " أرباب الحرف يسألون عن الضرر الحاصل من المتعلمين عندهم خلال الوقت
الذي يكونون فيه تحت رقابتهم ".
1 – أساس مسؤولية أرباب الحرف عن
متعلميهم
سار الفقه على اعتبار مسؤولية أرباب الحرف قائمة على خطأ مفترض في جانب رب الحرفة قوامها
أنه لم يقم بمراقبة المتعلم المراقبة الواجبة و لم يوجهه التوجيه السليم، و بذلك
يكون قد هيأ له سبيل العمل غير المشروع، و من ثم فإنه بارتكاب المتعلم للعمل الضار
بغيره يكون قرينة على أن ريب الحرفة لم يقم بالمراقبة اللازمة، إلا أن هذه القرينة
بسيطة تقبل إثبات العكس.
2 – الأشخاص المسؤولون
رب الحرفة هو الشخص الذي يزاول مهنة أو حرفة ويستخدم لمساعدته أطفالا ( متعلمين )
، يعلمهم أصول الحرفة أو المهنة كالنجارة أو الحدادة ، ويختلف رب الحرفة و المتعلم
عن المعلم و التلميذ، و عن المؤاجر و الأجير في أن المعلم يمارس مهنة التعليم بصفة
أصلية ،و المؤاجر لا يمارس التعليم بينما رب الحرفة يمارس التعليم بصفة ثانوية. وتمييز
أرباب الحرف و المتعلمين عن غيرهم له من أهمية كبرى نظرا إلى ان كلا منهم يخضع لقواعد
مسؤولية مختلفة عن تلك التي يخضع لها الآخر.
و بذلك فإن على القاضي أن يتأكد من توافر المقومات الأساسية التي تطبع صفة رب
الحرفة، و تلك التي تطبع صفة المتعلم، وهو في ذلك يمكنه الاستناد إلى عقد التكوين
المهني، كما يمكنه الاستناد إلى كل وسيلة من شأنها أن تحدد هذه الصفات الخاصة و أن
جود العقد غير ملزم.
3 – شروط مسؤولية أرباب
الحرف و الصنع عن تلامذتهم
أ – الشرط الأول : أن
يكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة
يجب أن يكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة في الوقت الذي يحدث فيه الضرر، أما ما
يعق من المتعلم في غير هذا الوقت فلا يكون رب الحرفة مسؤولا عنه لأن المسؤولية
مرتبطة بالمراقبة. ويكون المتعلم تحت رقابة رب الحرفة أثناء ساعات العمل، كما
تستمر هذه الرقابة خارج تلك الساعات إذا مات مقيما عنده ويستغرق وقته كله.
أما إذا لم يكن مقيما عنده فإنها تنقطع بانتهاء ساعات العمل حيث تنتقل المسؤولية
إلى أبيه فأمه.
ب – الشرط الثاني: أن يرتكب المتعلم فعلا ضاراُ
لقيام مسؤولية رب الحرفة يجب أن يرتكب المتعلم خطأ يضر بالغير، لكن رب الحفة يتحمل
لا يتحمل المسؤولية إلا إذا ارتكب تلك الأفعال المتعلم غير المميز، هذه الأفعال هي
تلك التي تخالف التزامات فرضها المشرع على الكافة بغض النظر على سنهم، و التي يجب
على رب الحرفة أن يحول دون وقوعها.
على أنه إذا كان الفعل الضار المنسوب إلى المتعلم ناشئ عن سبب أجنبي فإن ذلك يبرر
خطأ المتعلم وينفي مسؤولية رب الحرفة، أما إذا كان الخطأ مشتركا وزعت المسؤولية.
4 – آثار مسؤولية أرباب
الحرف و الصنع عن متعلميهم
إن آثار مسؤولية رب الحرفة عن عمل متعلميه هي نفسها أثار مسؤولية الأب والأم عن
عمل الولد القاصر فيحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق به من رب الحرفة
مباشرة دون حاجة لإثبات خطأ في جانبه، و ليتخلص رب الحرفة من المسؤولية عليه أن
يثبت أنه لم يرتكب خطأ بإثبات أنه قام فعلا برقابة كافية على متعلميه، ولا يكون
عليه أن يثبت أنه قام بواجب التربية لأن هذا ليس من مسؤوليته.
الفقرة الثالثة :
مسؤولية متولي الرقابة على المجانين و المختلين
عقليا
تنص الفقرة
السادسة من الفصل 85 من قانون الالتزامات
والعقود على هذا النوع من المسؤولية و
التي تقوم على اساس خطأ مفترض قوامه التقصير في الرقابة، ولبيان هذا النوع من
المسؤولية نحدد أولا الأشخاص المسؤولين ثم نعرض لشروط تحققها و لآثارها.
1 – الأشخاص المسؤولون
في مسؤولية متولي الرقابة على المجانين و المختلين عقليا
حسب الفقرة السادسة من الفصل 85 ق ل ع فإن المسؤولية تقع على صنفين من الأشخاص :
- أشخاص عينهم القانون وهو الأب و الأم وغيرهم من الأزواج و الأقارب ويشمل هؤلاء الأصول
و الفروع و الإخوة و كل من له علاقة نسب بالمريض.
- أشخاص معينون باتفاق وهو كل شخص أجنبي غير من ذًكر ،إذا تحمل مراقبة و رعاية المريض
عن طريق عقد، و الشخص الأجنبي هذا قد يكون شخصا طبيعيا وقد يكون شخصا اعتباريا
كمصحة أو مؤسسة خصوصية، ولا يكون شخصا معنويا عاما لأن هذا الأخير يخضع لقواعد
مختلفة.
-2 شروط مسؤولية متولي
الرقابة على المجانين و المختلين عقليا
الشرط الأول : أن يكون الشخص الذي فرضت
عليه الرقابة مجنونا أو مختلا عقليا، أي أن يكون شخصا
فاقدا القدرة العقلية كليا أو جزئيا مما يجعله في حاجة إلى رقابة لمنعه من الإضرار
بالغير.
الشرط الثاني : أن يرتكب المريض خطأ يتسبب في ضرر للغير، ويستوي هنا أن
يكون المريض وقت ارتكابه للخطأ في حالة جنون أو فقدان التمييز .
الشرط الثالث : أن يكون المريض تحت رقابة شخص : يعني ذلك أن يكون المجنون
أو المختل العقلي وقت ارتكابه للخطأ في كنف أحد أقاربه، أو تحت مسؤولية شخص مكلف
برقابته و رعايته، ويعتبر المريض تحت رقابة أحد أقربائه إذا كان مقيما معهم، فإذا
كان يسكن مع عدد من أفراد أسرته فإن المسؤولية لا تقوم في حقهم جميعا وإنما يسأل
الأب و الأم عن عدمه، ثم الزوج وهكذا بحسب درجة القرابة.
فإذا عهد بالرقابة لأجنبي عن طريق عقد زالت الرقابة عن أفراد الاسرة المذكورين على
شرط أن يكون العقد الذي يتعهد بمقتضاه برعاية المريض عوضيا.
3 – آثار مسؤولية متولي
الرقابة على المجانين و المختلين عقليا
إذا تحققت الشروط المذكورة حق للمتضرر من فعل صادر عن المجنون أو مختل العقل أن
يطلب التعويض من الشخص المسؤول عن رقابة المجنون دون حاجة إلى إثبات خطأ المسؤول،
ولا
يستطيع المكلف بالرقابة أن يتخلص من المسؤولية إلا إذا أثبت أنه لم يرتكب خطأ ، و
أنه كان يجهل
خطورة المرض، و أن الضرر يرجع لسبب أجنبي.
المطلب الثالث :
المسؤولية التقصيرية عن فعل الغير القائمة على
الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس
المسؤولية
المقصودة في هذا الصدد هي :
مسؤولية
المتبوع عن أعمال التابع
تعد مسؤولية المتبوع عن أفعال تابعيه الجرمية من أهم مظاهر المسؤولية التقصيرية عن
فعل الغير، وقد عرض لها المشرع كغيره من
التشريعات الأخرى وخصها بأحكام مستقلة تعتبر في مجملها في صالح الضحية فهي مبنية
على الخطأ المفترض غير القابل لإثبات العكس.
وهكذا لم
يترك للشخص المتبوع اية فرصة للتخلص من هذه المسؤولية في الفقرة الثالثة من الفصل
85 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيها : " المخدومون ومن يكلفون
غيرهم برعاية مصالحهم يسألون عن الضرر الذي يحدثه خدامهم ومأموروهم في أداء
الوظائف التي شغلوهم فيها ".
و لفهم مضمون هذه المسؤولية فإننا سنتناول أساسها، ثم الشروط اللازمة لتحققها ثم
أخيرا سنبين أهم الآثار المترتبة عنها.
الفقرة الأولى :
الأساس القانوني لمسؤولية المتبوع عن أفعال
تابعيه
لقد تعددت
النظريات الفقهية التي قيل بها بخصوص تأصيل مسؤولية المتبوع عن فعل التابع، فمن
قال بأن أساس مسائلة المتبوع إنما يكمن في افتراض الخطأ، في الوقت الذي يرى اتجاه
آخر على أن هذه المسؤولية مبنية على نظرية تحل تبعة المخاطر، و هناك من أسس هذه
المسؤولية على بعض النظريات الشائعة في ميدان القانون المدني كنظرية الضمان نظرية
النيابة و التمثيل القانوني ، و سنتولى عرض هذه النظريات بشيء من التفصيل.
1 – نظرية الخطأ المفترض
قد قال بهذه النظرية مجموعة من الفقهاء التقليديين في فرنسا إذ يرون أن مسؤولية
المتبوع عن فعل تابعه مؤسسة على خطأ مفترض في جانب الطرف المستفيد من هذه العلاقة
ألا وهو المتبوع. و يتمثل الخطأ المنسوب إليه في كونه لم يحسن اختيار تابعه الأمر
الذي حال بينه بين إحكام
الرقابة على تصرفات هذا التابع، و باعتبار أن الخطأ المنسوب للمخدوم لم يصدر عنه
مباشرة ، لذلك فإن مسؤوليته عن أخطاء خدمه تكون غير مباشرة أيضا، أما المسؤول
المباشر عن الخطأ هو فهو التابع، لذلك فإن الوضع العادي للأمور كان يفرض مسائلة
التابع بدلا من المتبوع إلا أنه نظرا للمشاكل التي قد تواجه الضحية بسبب صعوبة
إثبات خطأ التابع أو كون هذا الأخير معسرا لا مال له فإنه غالبا ما يفضل الرجوع
على المتبوع حتى يتجنب العقبات السابقة، غير أنها تعرضت لإنتقادات شديدة، ولعل الانتقاد
الجوهري الذي يجعلنا نستبعد فكرة الخطأ كأساس لمسؤولية المتبوع في إطار التشريع
المغربي ساء كان الخطأ عاديا أو مفترضا هو
أن المتبوع بإمكانه دحض المسؤولية بإثبات أنه قام بواجب الرقابة و التوجيه
اللازمين لتجنب الفعل الضار، الامر الذي يتنافى مع قصد المشرع المغربي عندما جعل
قرينة المسائلة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من الفصل 85 ق ل ع قرينة غير قابلة لإثبات العكس.
-2 نظرية تحمل المخاطر
وفقا لهذه النظرية فإن المتبوع باعتباره المستفيد من خدمات تابعيه وخدمه فإنه
يتوجب عليه بالمقابل تحمل تبعة المخاطر المحدثة من قلا هؤلاء الأتباع، إذا كان لها
ارتباط بالمهام الوظيفية المسندة إليهم، غير أن هذه النظرية لم يكتب لها النجاح
على اعتبار أنها نشأت في ميدان حوادث الشغل وهو يختلف اختلافا كثيرا عن الأضرار
الناشئة عن الحوادث المدنية الأخرى.
-3 نظرية الضمان
مفاد هذه النظرية أن المتبوع يعد بمثابة ضامن لنتائج الأضرار التي يتسبب فيها
أتباعه خصوصا في حالة إعسار هؤلاء الأتباع أو امتناعهم عن أداء ما بذمتهم ،
فالضمان يحمل في طياته معنى الكفالة أي المتبوع يعد كفيل لنشاط التابع و يحل محله
في الأداء.
4 – نظرية النيابة أو
التمثيل القانوني
وفقا لهذه النظرية فإن التابع ما هو في الواقع إلا نائب قانوني عن المتبوع يعمل
لحسابه و يتأمر بأوامره، ويترتب على هذه العلاقة أن خطأ للمتبوع نفسه إعمالا لمبدأ
كان معروفا لدى الكنسيين من أن خطأ الخادم ما هو إلا انعكاس لخطأ السيد.
الفقرة الثانية :
الشروط اللازمة لقيام مسؤولية المتبوع عن أفعال التابع
لقيام
مسؤولية المتبوع عن أعمال التابع فإنه يتعين أن يكون المتبوع مرتبطا بخدمه وتابعيه
بمقتضى علاقة التبعية ، و أن يتسبب التابع في ارتكاب الخطأ في حالة أداء وظيفته، و
أن يتولد عن هذا الفعل حصول ضرر للغير ، و سنكتفي بالشرطين الأولين، أما الشرط
الثالث فسنحيل إلى ما تطرقنا له عند حديثنا عن الضرر في المسؤولية عن العمل
الشخصي.
1 – الشرط الأول :
قيام علاقة التبعية بين التابع والمتبوع
لا بد لترتب
المسؤولية هنا من وجود علاقة التبعية بين شخصين بحيث يكون إحداهما خاضع للآخر، و
يتحقق ذلك إذا كان للمتبوع على تابعه سلطة فعلية في الرقابة و التوجيه، وقد يكون
شخص تابع شخص و يوضع بإرادة المتبوع تحت تصرف شخص آخر، عندئذ يوجد متبوعين ، متبوع
أصلي و متبوع فرعي فإن المتبوع تقع عليه مسؤولية أعمال ذلك التابع، و القاعدة أن
المسؤولية تكون على من له حق الرقابة والتوجيه حيث اينما كان هذا الحق تكون
المسؤولية و عليه يبقى المتبوع الأصلي مسؤولا عن الخطأ الذي يصدر من التابع أثناء
قيامه بالعمل لدى المتبوع العرضي.
و يصبح المتبوع العرضي مسؤولا عن خطأ التابع إذا تبين أن المتبوع الأصلي قد تنازل
عن سلطته في الرقابة و التوجيه لمصلحة المتبوع العرضي.
-2 الشرط الثاني:
صدور خطأ من التابع يضر بالغير في حالة أداء
وظيفته
لا يسأل
المتبوع إلا إذا كان التابع مسؤولا بأن أخطأ خطأ سبب ضررا للغير، أما إذا كان
التابع غير مسؤول فلا مسؤولية كذلك على المتبوع، كما لو كان التابع في حالة دفاع
شرعي.
وخطأ التابع
الذي يسأل المتبوع عنه هو الخطأ الذي يرتكبه أثناء تأدية العمل الذي عهد إليه المتبوع
به، أو بسبب هذا العمل.
أ – الخطأ أثناء تأدية الوظيفة
يقصد بالخطأ أثناء تأدية الوظيفة ما يرتكبه التابع من خطأ وهو يؤدي عملا من أعمال
وظيفته مثل خطأ السائق وهو يقود السيارة أثناء تأدية عمله فيدهس شخصا في الطريق،
وخطأ الممرض الذي يعطي المريض سما بدل الدواء، فهنا تقم مسؤولية المتبوع لأن الخطأ
وقع أثناء تأدية التابع لوظيفته.
ب – الخطأ بسبب الوظيفة
يكون خطأ التابع بسبب أداء وظيفته، إذا كان خطأ التابع لم يكن ممكنا لولا وظيفته،
فساعي البريد الذي يسرق إحدى الرسائل ما كان عليه أن يفعل ذلك لولا أنها سلمت إليه
لتوزيعها، فالخطأ هنا يقع أثناء تأدية الوظيفة.
الفقرة الثالثة:
آثار
مسؤولية المتبوع عن فعل التابع
عندما تتحقق
عناصر المسؤولية المدنية للمتبوع عن أخطاء تابعيه بالشكل الذي أشرنا إليه سابقا فإن
الضحية يتوفر له أكثر من طريق للمطالبة بحقوقه المدنية، فله الحق في مقاضاة
المتبوع وحده ، كما له الحق في الرجوع على التابع ، أيضا باعتباره طرفا في النزاع،
ليس هناك ما يمنع المضرور من مطالبة التابع و المتبوع في دعوى واحدة لوجود التضامن
بينهما.
1 – رجوع المدين على
المتبوع
بالرغم من أن المتبوع في الواقع ما هو إلا ضامن احتياطي لتبعات الافعال التي يتسبب
فيها أتباعه الذين يعملون لحسابه، إلا أن الضحية غالبا ما يفضل الرجوع على المتبوع
ليسره أولا و لأن المشرع قد جعله مسؤولا بقوة القانون ثانيا ، يحث لا يحق له دفع
هذه المسؤولية الملقاة على عاتقه إلا بإثبات السبب الأجنبي كالقوة القاهرة و
الحادث الفجائي.
-2 رجوع المدين على
التابع
ليس هناك ما يمنع المضرور من الرجوع مباشرة على التابع ، إلا ان المضرور سياجه مجموعة
من الصعوبات ابرزها أن الضحية يتوجب عليه إثبات خطأ التابع وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية
عن الفعل الشخصي المنصوص عليها في الفصلين 77 و 78 من قانون الالتزامات والعقود.
وحتى على افتراض كسب المضرور لهذه الدعوى فإن إعسار التابع قد يحول دون تحقيق
الغاية المقصود من هذه الدعوى وهو الحصول على التعويض، لذلك فإن الحل الأمثل
للضحية هو رفع دعواه على كل من التابع و المتبوع لوجود التضامن بينهما، إلا أن ذلك
لا يعني استحقاق المضرور لتعويضين عن الضرر الواحد لأن في ذلك نوع من الإثراء بلا
سبب.
-3 رجوع المتبوع على
التابع
لما كان المتبوع مجرد ضامن لنتائج الفعل الضار المرتكب من التابع، فإنه ليس هناك
ما يمنع المخدوم في الرجوع على خادمه في حدود التعويض الذي دفعه للمضرور، لكن
عمليا فإن هذا الحق يتجدد في حال تعسف التابع في استعمال الوظيفة المسندة إليه،
أما إذا كان خطا التابع مألوفا و يدخل في طبيعة المهنة التي يمارسها المتبوع لا
يحق له الرجوع على التابع ، وهذا الحكم ينطبق أيضا في حالة أن الضرر كان بأمر من
المتبوع.
المبحث الثالث :
المسؤولية الناشئة عن حراسة الاشياء الحية و الجامدة
خص المشرع
المسؤولية الناشئة عن فعل الأشياء الحية والجامدة الفصول من 86 إلى 90 من قانون الالتزامات
والعقود ، حيث تعرض لمسؤولية حارس الحيوان و لمسؤولية حارس الأشياء ثم لمسؤولية مالك
البناء عن الضرر الذي يمكن أن يلحقه الحيوان أو الشيء أو البناء بالغير. و هكذا
سنتناول على التوالي :
مسؤولية حارس الحيوان.
مسؤولية حارس الأشياء
مسؤولية مالك البناء
المطلب الأول :
مسؤولية حارس الحيوان
نظم المشرع
مسؤولية حارس الحيوان عن الأضرار التي يسببها للغير في الفصلين 86 و 87 ق ل ع ، و
بنى مسؤولية حارس الحيوان هو خطأ مفترض وهو الإخلال بواجب الرقابة و عدم اتخاذ
الإحتياطات اللازمة لمنع الحيوان من الإضرار بالغير، و الخطأ المفترض في جانب حارس
الحيوان هو خطأ يقبل إثبات العكس، و على ذلك فيمكن للحارس أن يتحلل من المسؤولية
بإثبات أنه لم يخطئ وأنه اتخذ جميع الإحتياطات الضرورية لمنع وقوع الضرر، و أن
الضرر ناتج عن قوة قاهرة أو خطأ المتضرر، الفصل 86 ق ل ع.
الفقرة الأولى:
أساس مسؤولية حارس الحيوان
1
– مسؤولية حارس الحيوان تقوم على فكرة الخطأ المفترض
اختلفت الآراء في تحديد اساس مسؤولية حارس الحيوان فمعظمهم قال أن أساس هذه
المسؤولية هو تحمل التبعة فصاحب الحيوان هو الذي يستفيد منه، فعليه إذن تقع تبعة
ما يلحق من ضرر للغير، وقال آخرون أن مسؤولية حارس الحيوان تقع على خطأ مفترض في
جانب الحارس وهو خطأ في الرقابة و التوجيه وهذا معمول به في الفقه السائد في
الإجتهاد.
-2 دفع مسؤولية حارس
الحيوان
فضل المشرع أن لا يتشدد في مسؤولية حارس الحيوان و اعتبر قرينة الخطأ الذي بنيت
عليها هذه المسؤولية قرينة قابلة لاثبات العكس ذلك أن الفصل 86 ق ل ع ، لم يقتصر
على السماح لحارس الحيوان بأن يدفع المسؤولية إذا هو أثبت أن الحادث الذي سبب
الضرر نتج عن ظرف طارئ أو قوة قاهرة أو من خطأ المضرور، بل أجاز له ان يتحلل من كل
مسؤولية إذا هو اقام الدليل على أنه اتخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الحيوان من
إحداث الضرر ومراقبته، و تجدر الإشارة إلى أن خطأ الغير يدخل في مفهوم القوة
القاهرة و يصح أساس لدفع مسؤولية حارس الحيوان.
الفقرة الثانية :
شروط مسؤولية حارس الحيوان
هناك شرطان
لقيام مسؤولية حارس الحيوان أولهما ان يتولى شخص هذه الحراسة وثانيهما ان يتسبب الحيوان
في ضرر للغير
1 – الشرط الأول : يجب أن
يتولى شخص حراسة الحيوان
يقتضي الإلمام بهذا الشرط تحديد معنى كل من الحراسة و الحيوان.
أ – تعريف الحراسة في
حراسة الحيوان :
القصد هنا
السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه ، فحارس الحيوان الذي يتحمل المسؤولية هو من
يباشر بنفسه أو بواسطة تابعه سلطة فعلية في رقابة الحيوان و توجيهه، و في ضوء هذا
المعيار يمكننا تقرير القواعد التالية.
- ليس الحارس من يحوز الحيوان حيازة مادية ، لأن الحيازة شيء و الحراسة شيء
آخر، فمن استأجر أحد الجمال في المحطات السياحية المعدة لذلك له الحيازة المادية و
لكنه لا يعتبر حارسا لأنه لا يملك السلطة الفعلية في رقابة الحيوان وتوجيهه، ثم إن
الفصل 86 ق ل ع ، ترتب المسؤولية على
الحارس حتى في الحالة التي يكون فيها الحيوان قد ظل أو تشرد أي حت في الحالة التي
يكون فيها الحارس فقد الحيازة المادية للحيوان.
- ليس الحارس من يتمتع بحيازة الحيوان حيازة قانونية فلو أن الحيوان سرق من
مالكه فإن الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه، ويصبح هو
المسؤول عن الأضرار التي يحدثها للغير.
- الأصل أن مالك الحيوان هو الحارس لأنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الحيوان ،
وعليه إذا رفع المضرور الدعوى على المالك فلا يكون عليه سوى أن يثبت أن المالك هو
الحارس إذ يقوم هذا الإفتراض لصالحه، بل يترتب على المالك أن يثبت أنه لم يكن هو
الحارس وقت وقوع الضرر و يستطيع أن يثبت ذلك بجميع الطرق.
ب – تعريف الحيوان :
لم يحدد الفصل 86 من قانون الالتزامات والعقود
الحيوانات التي يسأل حارسها عن الضرر الناشئ من
فعلها لذلك يجب أن يصدق هذا الفصل على أي نوع من الحيوان، لا فرق في ذلك بين
الحيوان المستأنس و الحيوان المتوحش ،إنما يشترط أن يكون الحيوان مملوكا لأحد من
الناس ، أو على الأصح أن يتولى شخص حراسته، أما الحيوانات التي توجد طليقة في عقار
سواء كانت متوحشة أو غير متوحشة فلا يسأل مبدئيا مالك العقار أو مستأجره أو حائزه
عن الضرر الذي تحدثه هذه الحيوانات إذا لم يكن قد فعل شيئا لجلبها أو الإحتفاظ بها
في هذا العقار " الفصل 87 فقرة أولى ق ل ع " .
غير أن هذا الفصل في فقرته ثانية أوجب المسؤولية في حالتين :
- إذا وجدت في العقار حضيرة أو غابة أو حديقة أو خلايا مخصصة لتربية أو لرعاية بعض
الحيوانات إما لغرض التجارة أو الإستعمال المنزلي.
- إذا كان العقار مخصص للصيد.
2 – الشرط الثاني : يجب
أن يحدث الحيوان بفعله ضررا للغير
أ – فعل الحيوان :
يجب حتى
تتحقق مسؤولية حارس الحيوان قد أتى فعلا إيجابيا سبب إحداث الضرر، أما إذا كان دور
الحيوان سلبيا كأن ارتطم أحد بحيوان واقف ويصاب بضرر فإن حارس الحيوان لا تجوز
مسائلته لأن الضرر في مثل هذه الحالة لا يعتبر من فعل الحيوان و اشتراط فعل إيجابي
من الحيوان لا يعني أن يكون الحيوان قد اتصل اتصالا ماديا بالمضرور بل يكفي أن
يكون السبب الإيجابي هو إحداث الضرر فل أن حيوان مفترس أفلت زمامه من يد حارسه و
خرج إلى الطريق العام فذعر شخص من المارة فسقط وجرح من غير ان يلمسه الحيوان ،فإن
المضرور يعتبر حارس الحيوان مسؤولا عن الضرر الذي لحق به لأن هذا الضرر يعتبر من
فعل الحيوان.
ب – ضرر الغير :
يسأل الحارس
عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الحيوان الذي يكون تحت حراسته كأن يدهس حيوان شخصا فيصيبه
بجروح أو ينتقل إليه مرض معد من حيوان إلى آخر يملكه الغير، ولا يشترط الاتصال المادي
المباشر بين الحيوان والمتضرر كان ينفلت كلب من يد صاحبه ويسبب الذعر بين المارة
فيهرب احدهم ويسقط ويتأذى بسبب هذا السقوط هنا يسأل صاحب الحيوان ولو لم يلمس الكلب
هذا المتضرر لأنه قصر في إحكام سيطرته على كلبه ،و يقصد بالغير كل شخص أجنبي ما
عدا الحارس.
الفقرة الثالثة:
آثار مسؤولية حارس الحيوان
إذا توافر
الشرطان السابقان حق للمتضرر المطالبة بالتعويض من المسؤول المفترض أن الخطأ صدر
عنه أي الحارس، ولا يتحلل الحارس من مسؤوليته إلا في حالتين :
- إذا أثبت
أنه لم يخطئ ببرهنته على أنه اتخذ جميع الاحتياطات اللازمة لحراسة الحيوان و منعه
من الإضرار بالغير.
- إذا اثبت أن الضرر الذي لحق المتضرر يرجع لقوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ المتضرر.
فإذا صاحب خط المتضرر خطأ للحارس ، وزعت المسؤولية بينهما كما في الحالة التي يهمل
فيها الحارس ربط الكلب فيلحق بمستفزه و يعضه.
المطلب الثاني:
مسؤولية حارس الشيء
خص المشرع
لمسؤولية حارس الشيء الفصل 88 من ق ل ع ، و قد أراد بهذا النص الأخذ بيد المضرور
بغية تخفيف عبء الإثبات عنه، عندما يطالب بالتعويض عن الأضرار التي تسببها له الآلات
الميكانيكية و الأدوات الخطيرة التي خلفها التطور الصناعي، فهذا النص يعفي المضرور
من إثبات خطأ حارس الشيء الذي أحدث الضرر باعتبار أن مسؤولية الحارس تقوم على خطأ
مفترض من جانبه في رقابة الشيء الأمر الذي يبرز خاصة في حوادث السير حيث كان يصعب
على المضرور إثبات خطأ السائق و بالتالي ضياع حقوقه و قرينته الخطأ المفترض التي
بنيت عليها مسؤولية حارس الشيء، قرينة تقبل البينة المعاكسة، وعليه قسمنا موضوعنا
الى ثلاث فقرات.
الفقرة الأولى:
أساس مسؤولية حارس الأشياء
1
– مسؤولية حارس الشيء قوامها الخطأ المفترض
اختلفت الآراء في تحديد أساس مسؤولية حارس الأشياء فالبعض قال أن اساس هذه
المسؤولية هو تحمل التبعة، فمن يستفيد من الشيء عليه تحمل تبعة الضرر الذي يحدثه
للغير بسبب هذا الشيء، والبعض الآخر أفتى مسؤولية حارس الشيء قوامها الخطأ المفترض
في جانب الحارس وهو خطأ في الرقابة و عدم بذل العناية الخاصة التي تتطلبها حراسة
الشيء وهذا هو الرأي الذي تبناه القضاء.
-2 دفع مسؤولية حارس
الشيء
اعتبرت قرينة الخطأ الذي بنيت عليها هذه المسؤولية قرينة قابلة للبينة المعاكسة،
أما بالنسبة لمسؤولية حارس الشيء ، فقد قرر اعتبار القرينة التي بنيت عليها قاطعة
ولا يجوز معها للمسؤول دفع المسؤولية إلا إذا أثبت الحارس أنه فعل ما كان ضروريا
لمنع الضرر و أن هذا الأخير يرجع إما لظرف طارئ أو قوة قاهرة أو لخطأ المضرور، ولما
كان خطأ الغير يدخل في مفهوم الظرف الطارئ و القوة القاهرة فإنه يصح أخذه بعين
الإعتبار في معرض دفع مسؤولية حارس الشيء ، ثم إن خطأ المضرور لا يمكن الاعتداد به
في معرض دفع المسؤولية عن حارس الشيء إلا إذا كان المضرور ممن يتحمل بالمسؤولية
التقصيرية لتمتعه بالإدراك و التمييز، أما إذا كان المضرور عديم التمييز بجنون أو
صغر السن ، فلا يستطيع حارس الشيء التمسك بخطأ المضرور لتجنب المسؤولية بل لابد له
من إقامة الدليل على أن الضرر يرجع لظرف طارئ أو قوة قاهرة ، و تجدر الإشارة إلى
أن البينة التي يدلي بها حارس الشيء لدفع المسؤولية عنه يعود تقديرها لقاضي
الموضوع و لا رقابة عليه في تكوين قناعته.
الفقرة الثانية:
شروط مسؤولية حراسة الأشياء
هناك شرطان
وهما تولي شخص للحراسة ووقوع ضرر للغير بفعل هذا الشيء
1 – الشرط الأول : يجب أن يتولى شخص حراسة الشيء
في الأول
يلزمنا بيان المقصود بالحراسة و الشيء
أ
– الحراسة في حراسة الأشياء :
يقصد
بالحراسة السلطة الفعلية في الرقابة و التوجيه و التصرف ، فحارس الشيء هو من له
السلطة الفعلية في رقابته وتوجيهه، وفي ضوء هذا المعيار يمكن تقرير القواعد
التالية :
- لا يتحتم أن يكون الحارس من يتمتع بالحيازة القانونية فلو أن الشيء سرق
من مالكه فإن الحراسة تنتقل إلى السارق بانتقال السلطة الفعلية إليه.
- الأصل أن مالك الشيء هو الحارس لأنه هو صاحب السيطرة الفعلية على الشيء
عليه إذا رفع المضرور الدعوى على المالك فلا يكون عليه أن يثبت أن المالك هو
الحارس إذ يقوم الافتراض لصالحه.
- يعتبر بائع الشيء قبل التسليم هو الحارس فلا تنتقل الحراسة إلى المشتري
إلا بالتسليم.
- تنتقل الحراسة من المالك إلى صاحب حق الإنتفاع و المرتهن رهن حيازي كما
تنتقل في المنقول إلى المستأجر.
- إذا انتقل الشيء إلى يد التابع فالأصل أن تبقى الحراسة للمالك لأنه هو
الذي يملك السلطة الفعلية في التوجيه و التصرف في أمر الشيء ، أما إذا خول المالك
التابع حق التوجيه و التصرف في أمر الشيء فالتابع يصبح هو الحارس وكذلك إذا استعمل
التابع الشيء لمنفعته الشخصية انتقلت الحراسة إليه.
- يعتبر معلم القيادة هو الحارس للسيارة أما من يتعلم القيادة فلا يعتبر
حارسا.
ب - الشيء في حراسة
الأشياء :
يراد بالشيء
في هذا المقام كل شيء مادي غير حي شرط أن يكون رد بشأنه نص خاص، وعليه تخرج من هذا
النطاق الأشياء غير المادية تقع تحت الحس، و تخرج أيضا المباني فيما يتعلق
بالأضرار التي تنجم عن انهيارها أو تهدمها الجزئي بسبب القدم أو عدم الصيانة أو
عيب في البناء، كما يخرج ما هو معتبر جزء من العقار كالأشجار و العقارات بالتخصيص
فيما يتعلق بالأضرار التي تنجم عن سقوطها أو تهدمها الجزئي.
والشيء المقصود هنا يستوي أن يكون منقولا كالسيارة، أو عقارا كالمباني والأشجار، و
مشرع قانون الالتزامات والعقود عندما قرر مسؤولية حارس الشيء عن الأضرار التي يمكن
أن يحدثها للغير لم يميز بين أن يكون الشيء خطرا أم غير خطر، فمجرد كون الشيء أحدث
ضررا للغير يدل على أنه شيئا خطرا في الظروف التي حصل فيها الضرر و أن حراسته
تتطلب عناية خاصة، هذا فضلا على أن التمييز بين الأشياء الخطيرة و غير الخطرة يصعب
عمليا تطبيقه ،فمثلا فاص من الزهور ليس خطرا لكنه يصبح خطرا إذا وضع في شرفة طابق
علوي و سقط على رأس أحد المارة.
2 – الشرط الثاني : يجب أن
يحدث الشيء ضررا للغير
أ – فعل الشيء :
يعتبر الضرر
ناشئا بفعل الشيء إذا كان الشيء قد تدخل تدخلا إيجابيا تسبب في إحداث الضرر و
التدخل الإيجابي يقتضي أن يكون الشيء في وضع أو في حالة تسمح عادة بأن يحدث الضرر،
أما إذا مات دور الشيء سلبيا كأن يرتطم شخص بسيارة واقفة و يصاب بسبب ذلك بجروح
هنا لا يكون الضرر من فعل الشيء.
ب – حدوث ضرر للغير :
يسأل الحارس
عن أي ضرر يصيب الغير بفعل الشيء الذي هو تحت حراسته كأن تدهس السيارة أحد المارة
و تكسر ساقه، والغير المقصود هنا كل من غير الحارس فقد يكون الغير أجنبيا عن
الحارس، وقد يكون تابعا للحارس، وقد يكون مالك الشيء إذا كان الشيء في حراسة شخص
غير مالكه.
على أن شرطا أساسيا يجب أن يتوفر في الغير الأجنبي عن الحارس حتى يستطيع مسائلة الحارس
على اساس قرينة الخطأ المنصوص عليها في الفصل
88 من قانون الالتزامات والعقود ، هو أن يكون الضرر قد لحق به دون ان يكون
اشترك في استعمال الشيء، و تجدر الإشارة إلى أن مسؤولية حارس الشيء تنتقل من
مسؤولية تقصيرية إلى مسؤولية عقدية إذا وجد تمت عقد بين المضرور و الحارس و كان
الضرر قد حصل بمناسبة تنفيذ هذا العقد، فالناقل يكون مسؤولا عن سلامة الركاب في
حالة الضرر مسؤولية عقدية وليست مسؤولية تقصيرية.
الفقرة الثالثة :
آثار مسؤولية حارس الشيء
إذا توافر
الشرطان تحققت مسؤولية الحارس وحق على المتضرر أن يطالب بالتعويض وذلك سواء كان
هذا المتضرر أجنبيا عن الحارس، أم كان تابعا له من الذين عهد إليهم بحفظ الشيء أو استخدامه،
مادام أن عملهم لحسابه، بل إن المتضرر يمكنه مطالبة الحارس بالتعويض حتى لو كان هو
المالك ، في الحالة التي تكون حراسة الشيء بيد غير مالكه.
المطلب الثالث :
مسؤولية مالك البناء
خص المشرع
مسؤولية مالك البناء عن الأضرار الناجمة عن انهيار البناء أو تهدمه الجزئي الفصلين
89 و 90 من قانون الالتزامات والعقود.
و ينص الفصل 89 في الفقرة الأولى على أنه :
" يسأل مالك البناء عن الضرر الذي يحدثه انهياره أو تهدمه الجزئي، إذا وقع
هذا أو ذاك بسبب القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء، ويطبق نفس الحكم في حالة
السقوط أو التهدم الجزئي لما يعتبر جزءا من العقار، كالأشجار والآلات المندمجة في البناء
والتوابع الأخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص، وتلزم المسؤولية صاحب حق السطحية، إذا
كانت ملكية هذا الحق منفصلة عن ملكية الارض ".
الفقرة الأولى :
أساس مسؤولية مالك البناء عن تهدم البناء
من خلال
قراءة نص الفصل 89 ق ل ع يتبين أن هذه المسؤولية مبنية على خطأ مفترض في جانب
المالك أو من يتولى رعاية العقار، إلا أن افتراض هذا الخطأ في صف المالك لا يعني
أن المضرور يعفى من كل إثبات، إذ يجب عليه أن يقيم الدليل على أن الضرر الذي أصابه
كان نتيجة لتهدم البناء كليا أو جزئيا، و أن هذا التهدم كان بسبب القدم أو نقصان
الصيانة أو عيب في البناء، و تحمل المضرور لهذا العبء في الإثبات هو الذي جعل
جانبا مهما من الفقه المعاصر يتردد في قبول فكرة الخطأ المفترض كأساس لهذه
المسؤولية.
و يحق للمالك أن يدفع عنه هذه المسؤولية بإثبات أحد الأمرين :
- الأمر الأول : أن يقدم الدليل على أن التهدم سواء كان كليا أو جزئيا لم
يكن وليد العيب في البناء أو نقصان في الصيانة بل لأسباب أخرى غير تلك المذكورة في
الفصل 89 ق ل ع ، كأن يثبت أن التهدم كان نتيجة اندلاع حريق.
- الأمر الثاني : يتعلق بالأحوال التي يقع فيها التهدم بسبب أجنبي كالزلزال
أو انجراف التربة وكل ما يدخل في إطار القوة القاهرة و الحادث الفجائي.
الفقرة الثانية :
شروط تحقق مسؤولية مالك البناء عن تهدم البناء
لتحقق
مسؤولية مالك البناء عن تهدمه يلزم توفر شرطين أساسيين :
1 – أن يكون الضرر ناشئ عن انهيار البناء أو تهدمه
الجزئي
لتقوم مسؤولية مالك البناء يجب أن يكون هناك ضرر ناشئ عن انهيار البناء أو تهدمه،
و يشمل البناء حسب الفصل 89 من قانون الالتزامات
والعقود كل المنشآت المتصلة بالأرض سواء كانت قائمة فوق سطح الأرض أو كانت قائمة
في باطنها، أو الملحقات الاخرى المعتبرة عقارات بالتخصيص، أما الإنهيار أو التهدم
فيقصد به سقوط المنشئات و يكفي انفصال حجر أو شيء مما يتكون البناء حتى يعتبر المالك أو الحارس لذلك العقار مسؤولا إذا
ما نتج عن تهدمه ضرر للغير.
2 – أن يكون التهدم
نتيجة القدم أو عدم الصيانة أو عيب في البناء
أما إذا كان الإنهيار ناتجا عن انفجار أو حريق ، لا تقوم المسؤولية على اساس تهدم
البناء و انما على اساس مسؤولية حارس الشيء إذا كان السقوط مباشرة بعد الحريق ،
أما إذا تم بعد مدة غير قصيرة فإن الضرر يعتبر نتيجة لتهدم البناء ولو كان سببه
الأصلي هو الإنفجار أو الحريق.
الفقرة الثالثة:
التدابير الوقائية لدرء تهدم البناء
نص الفصل 90
من قانون الالتزامات والعقود بأنه يحق لمالك العقار الذي يخشى لأسباب معتبرة
انهيار بناء مجاور أو تهدمه الجزئي أن يطلب مالك البناء أو من يكون مسؤولا عنه وفق
أحكام الفصل 89 ق ل ع اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وقوع الإنهيار.
أما عن طبيعة هذه التدابير الوقائية، تختلف باختلاف نوعية الخطر الذي يهدد البناء
فقد تكون أعمال التدعيم و الترميم كافية لإصلاح العيب الذي اشتكى منه المضرور.
إلا أن هناك من الحالات ما يستلزم هدم البناء وإعادة تشييده من جديد، و في كل الأحوال
فإنه يتعين على المالك أن يبادر إلى تنفيذ هذه الإجراءات الوقائية قبل وقوع الضرر
أي في الفترات التي يتسع فيها عامل الوقت لتدارك الخطر الذي يهدد البناء بالانهيار
الكلي أو الجزئي.
الفقرة الرابعة :
آثار مسؤولية مالك البناء عن تهدم البناء
إذا توافرت الشروط السابق ذكرها ، حق
للمتضرر أن يطالب بالتعويض وفقا لأحكام الفصل 89 ق ل ع ، من دون إثبات خطأ في جانب
المالك أو متعهد البناء و إنما يكفيه إصابته بالضرر ، وأن ذلك الضرر نتيجة لإنهيار
البناء أو تهدمه ، أي يكفيه أن يثبت الضرر و العلاقة السببية بينه بين سبب التهدم
، أي أن هناك افتراض لصالحه.
الفصل الثاني :
المسؤولية العقدية
تعتبر المسؤولية العقدية
جزءا لا يتجزأ من المسؤولية المدنية عموما، فكلاهما يهدف إلى تعويض الطرف المضرور
عن الأضرار والخسائر التي لحقت به سواء كان ذلك ناتجا عن الإخلال ببنود العقد أو
التأخر في تنفيذه وهذا ما يسمى بالمسؤولية العقدية، أو كان نتيجة الإخلال قانونية
وهذا ما يطلق عليه بالمسؤولية التقصيرية وإذا كانت
المسؤولية التقصيرية مصدرا مستقلا للإلتزام، فإن المسؤولية العقدية لا تغدو أن
تكون أثرا من آثار الإخلال بالالتزامات العقدية أو بتعبير آخر جزاء من جزاءات عدم تنفيذ الالتزام.
ويتحدد مفهوم المسؤولية
العقدية في الحالة التي يخل فيها المتعاقد بالتزاماته تجاه الطرف الآخر، وتتحدد أركان
المسؤولية العقدية في الخطأ والضرر وعلاقة السببية الرابطة بينهما، وإذا كانت
المسؤولية التقصيرية لا يجوز الإتفاق على تعديل أحكامها فإن المسؤولية العقدية
يجوز الاتفاق على مخالفة أحكامها.
المبحث
الأول :
أركان
المسؤولية العقدية
الأركان اللازمة لقيام
المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية بينهما لكن بالنظر إلى طبيعة
الأساس الذي تقوم عليه المسؤولية العقدية والمتمثل في الإخلال بإلتزام ارادي فان عناصرها
تنفرد بأحكام لا تنطبق على عناصر وأركان المسؤولية التقصيرية خصوصا من حيث مفهوم
الخطأ العقدي وحجم الضرر الواجب تعويضه. لقيام المسؤولية العقدية يفترض وجود عقد
صحيح واجب التنفيذ لكن المدين بالالتزام لم يقم
بالتنفيذ مما سبب ضررا للدائن وبالتالي فعناصر
المسؤولية العقدية هي الخطأ والضرر والعلاقة السببية.
المطلب
الأول :
الخطأ
العقدي
الخطأ العقدي ما دام
العقد هو نتاج توافق إرادتين على إحداث أثر قانوني فان كل طرف فيه ملزم بتنفيذ ما
ترتب عنه من إلتزامات و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي في ذمة المدين و
يستوي في ذلك عنه من التزامات
و إذا لم يتم التنفيذ تحقق الخطأ العقدي
في ذمة المدين و يستوي في ذلك أن يكون عدم التنفيذ عمديا أو عن إهمال أو تقصير ، فالخطأ العقدي يتحقق حتى ولو كان عدم قيام المدين
بالالتزام ناشئا عن سبب أجنبي و ان كانت رابطة
السببية تنتفي لوجود السبب الأجنبي فتنعدم المسؤولية لانعدام السببية لا لانعدام
الخطأ ، ويتخذ الخطأ العقدي أكثر من مظهر قانوني فقد يكون نتيجة عدم التنفيذ الكلي
أو الجزئي للإلتزام وقد يكون نتيجة التأخر في التنفيذ عن الميعاد كما قد يتحقق في
حالة التنفيذ في غير المكان المتفق عليه أو أن يتم التنفيذ و لكن دون الإلتزام
بالمواصفات المنصوص عليها في الإتفاق.
الفقرة الأولى
:
أنواع الخطأ العقدي
هناك نوعين للخطا العقدي وهما الإلتزام ببذل عناية و الالتزام بتحقيق غاية
1 - الالتزام بتحقيق غاية
يكون قد نفذ الإلتزام تنفيذا عينيا وعدم تنفيذ هذه الغاية يقوم
مقام الخطأ العقدي الموجب للمسؤولية حتى وإن كان بذل الجهد الكافي والمعتاد في
تحقيق النتيجة لكن دون جدوى فعدم تحقيق النتيجة يستوي مع عدم تنفيذه ما لم يثبت
المدين تدخل العامل الأجنبي في عدم تحقق النتيجة.
2 - الإلتزام ببذل عناية
هنا يكون محل إلتزام المدين ليس تحقيق غاية محددة وإنما ببذل
الجهد الكافي والعناية اللازمة في تحقيقها فقد تتحقق النتيجة وقد لا تتحقق والخطأ
العقدي في هذا النوع من الإلتزامات لا يقوم بعد تحقق الغاية من الإلتزام وإنما
يتحقق بعد بذل العناية الكافية لتحقيق هذا الإلتزام لأن الخطأ العقدي هنا يتحقق
بالتقصير والإهمال وليس بعدم تحقق النتيجة.
الفقرة الثانية :
إثبات الخطأ العقدي
إثبات الخطأ العقدي يختلف عبئ إثبات الخطأ العقدي باختلاف
التزام المدين فإذا كان التزامه بتحقيق نتيجة، وقع على عاتقه عبء إثبات تحقق هذه
النتيجة، أما الطرف الدائن فهم ملزم بإثبات وجود عقد صحيح مصدره إلتزام المدين
وإثبات الضرر الحاصل له من جراء عدم التنفيذ العيني.
أما إذا كان إلتزام المدين يدخل في زمرة الإلتزام ببذل عناية
انتقل عبئ الإثبات إلى الدائن الذي يكون ملزما بإثبات التقصير والإهمال في جانب
المدين فيجب عليه تقديم الدليل على نقص ما بذله المدين في تنفيذ التزامه.
الفقرة الثالثة:
المسؤولية العقدية عن فعل الغير
المسؤولية العقدية عن فعل الغير قد يقع من الناحية العملية أن
يسخر المدين الأصلي غيره في تنفيذ التزاماته التعاقدية فيكون مسؤولا عن أخطائه
تجاه الدائن مسؤولية عقدية.
والمسؤولية العقدية عن فعل الغير أكثر من مظهر قانوني وأهم ما
تتمثل فيه هذه المظاهر جميعها هو ما يسمى بالعقود من الباطن حيث نكون اما عقدين الأول
أصلي والثاني فرعي.
المطلب الثاني:
ضرر في المسؤولية العقدية
لا يكفي لقيام مسؤولية المدين العقدية أن يرتكب الخطأ العقدي
المتمثل في عدم التنفيذ العيني للالتزام وإنما يجب ان يسبب هذا الخطأ ضررا للطرف
الدائن فالضرر يعتبر ركنا أساسيا لقيام المسؤولية العقدية.
الفقرة الأولى :
أنواع ضرر في المسؤولية المدنية
سنتناول هذا المحور باقتضاب لتفادي التكرار لانه تمت معالجه عند الحديث عن المسؤولية التقصيرية في الاعلى
ضرر المادي:
هو الضرر الذي يصيب الدائن في ماله أو سلامته الجسدية.
ضرر المعنوي:
هو الضرر الذي يصيب الدائن في كرامته أو شرفه .
يستحق الدائن التعويض عن الضرر المادي والمعنوي سواء كانت
المسؤولية المدنية عقدية أو تقصيرية.
الفقرة الثانية:
شروط ضرر المسؤولية العقدية
- أن يكون ضررا محققا :
الضرر المحقق أي أن الضرر يجب أن يكون قد وقع فعلا لا ان يكون
محتمل الوقوع فالتعويض لا يتم عن هذا النوع الأخير من الضرر، لكن قد يقع التعويض
عن الضرر المستقبل وهو الضرر الذي وقعت أسبابه لكن آثاره تراخت إلى المستقبل لكنها
مؤكدة الوقوع، أما إذا كان الضرر محتملا لا يستحق عنه الدائن التعويض لضعف صلته
العقدية و يدخل التفويض من حيث المبدأ في إطار الضرر المحتمل الذي لا يعوض عنه.
- أن يكون ضررا شخصيا :
الضرر الشخصي هو أن يصيب الضرر الطرف الدائن شخصيا سواء في
جسمه أو ذمته المالية أو في كرامته وإذا توفي المدين قبل حصوله على التعويض حل
محله الورثة.
- أن يكون الضرر مباشر :
الضرر المباشر هو الضرر الذي يكون نتيجة طبيعية لعدم الوفاء
بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في
استطاعة الدائن ان يتوخاه ببذل جهد معقول بمعنى ان يكون هناك ارتباط وثيق بين
الخطأ والضرر الحاصل.
- أن يكون ضررا متوقعا :
الضرر المتوقع هو الضرر الذي ينتظر المتعاقدين حدوثه ووقوعه في
حالة عدم تنفيذ المدين للإلتزام تنفيذا عينيا.
الوقت الذي ينظر إلى كون الضرر متوقعا هو وقت إبرام العقد.
المطلب الثالث :
العلاقة السببية بين الخطأ والضرر
العلاقة السببية بين الخطأ والضرر هي الركن الثالث في
المسؤولية العقدية كما هو الشأن في المسؤولية التقصيرية فإذا ارتكب المدين خطأ
وحصل ضرر للدائن لكن دون أن يكون خطأ المدين هو السبب في ضرر الدائن انتفت العلاقة
السببية وانتفت بالتبعية مسؤولية المدين، يفرض القانون على الدائن واجبا مؤداه ألا
يركن إلى تقصير المدين ويستسلم للضرر الناشئ له بل يحتم عليه الواجب أن يعمل على
درء
الضرر عن نفسه ببذل الجهد المعقول الذي تتطلبه ظروف الحال فإن
أحجم عن بذل هذا الجهد كان مقصرا وكان تقصيره هذا السبب الحقيقي لكل ضرر مترتب عن
احجامه.
لا يجوز ان يؤاخذ المدين بخطأ لم يقترفه أي لا يجوز ان يلتزم
بإصلاح ضرر سببه غيره كذلك لا يجوز مساءلة المدين عن ضرر سببه الدائن لنفسه بنفسه
كما لا يجوز أن يتحمل الشخص مسؤولية ضرر كان السبب فيه هو القوة القاهرة.
توافر عناصر المسؤولية العقدية يعطي الحق للطرف المضرور في
الحصول على التعويض المناسب لجبر الضرر المترتب عن إخلال المدين بالإلتزام وهو إما
تعويض اتفاقي حيث تتفق الأطراف المتعاقدة على مقدار معين من التعويض يستحقه الدائن
في حالة إخلال المدين او التعويض القضائي الذي يقضي به القاضي .
المطلب الرابع
:
حالات انتفاء المسؤولية العقدية
المدين يعتبر غير مسؤول عن الضرر الحاصل للدائن جراء عدم تنفيذ
الإلتزام متى كان السبب في ذلك لا يمكن أن يعزى إليه وإنما يعزى لسبب أجنبي عنه
حال بينه وبين التنفيذ العيني للإلتزام ، يقصد بالسبب الأجنبي الذي ينفي مسؤولية
المدين كل أمر أجنبي عن المدين ويلزم لتحقيق السبب الأجنبي توافر شرطين
أساسيين :
1 -
أن لا يكون للمدين يد في حصوله ولم يكن في وسعه تفاديه.
2 -
أن يؤدي السبب الأجنبي إلى استحالة تنفيذ الالتزام كليا أو جزئيا، ويلز هنا
أن يكون من شأن السبب الأجنبي ان يؤدي إلى استحالة أداء الالتزام فلا يكفي أن يكون
من شأنه أن يجعله أشد إرهاقا أو أشد كلفة على المدين، ويحتوي السبب الأجنبي القوة
القاهرة والحادث الفجائي فعل أو خطأ الدائن ثم فعل أو خطأ الغير.
المبحث الثاني:
الاتفاقات على تعديل أحكام
المسؤولية العقدية
يقصد بها الاتفاق الذي بموجبه بتنازل أحد طرفيه
على ما يستحقه من تعويض اتجاه الطرف الآخر إذا ما أصابه ضرر جراء إخلال هذا الأخير
بالتزام معين يكون مفروضا عليه مثل هذه الالتزامات تعد صحيحة من الناحية القانونية
ومعمول بها في مجال المسؤولية العقدية وإن كانت من الناحية الواقعية تعد وضعا
مخالفا لطبيعة الأشياء.
وعلى خلاف المسؤولية العقدية لا يجوز الاتفاق على احكام
المسؤولية التقصيرية لارتباط هذه الأحكام بالنظام العام.
وبما أن العقد هو أساس المسؤولية العقدية والذي يقصد به توافر
إرادتين على إحداث أثر قانوني معين وهذه الإرادة اذن هي التي أنشأت المسؤولية
العقدية وبإمكانها تعديل قواعدها وأحكامها باتفاقات إرادية يراعي فيها احترام
القانون والنظام العام والآداب العامة.
لكن هناك بعض الاستثناءات وهو بطلان كل شرط أو اتفاق يعفي
المدين من تدليسه ومن خطئه الجسيم.
المطلب الأول :
صور الاتفاقات المعدلة
للمسؤولية
أولا:
الاتفاقات المشددة
للمسؤولية
تهدف هذه الاتفاقات الى جعل المسؤولية اقسى وأشد من تلك التي
تقررها القواعد العامة وهي نصادفها في عقود البيع العادية التي تقوم على مبدأ
المساومة و المنافسة من قبيل الاشتراطات المشددة لمسؤولية المدين ان يتم الاتفاق
على توسيع المسؤولية ليشمل حتى حالات عدم التنفيذ لتوفر السبب الاجنبي و هو عكس ما
تقضي به القواعد العامة في هذا الصدد حيث تعفي المدين من المسؤولية و بالتالي من
التعويض في عقد البيع يمكن للمشترى أن يشترط على البائع ضمان أعمال لا تدخل في
الأصل ضمن الأحكام العامة للضمان كان يشترط عليه ضمان نزع الملكية للمنفعة العامة.
ثانيا :
الاتفاقات المخففة او
المعفية من المسؤولية
هو الاتفاق على تخفيف التعويض في مقدار الضرر الذي يصيب أحد
المتعاقدين بسبب عدم تنفيذ المتعاقد الآخر الالتزامات المتولدة عن العقد قد لا
يتوقف الأمر عند الاتفاق على التخفيف من المسؤولية بل قد يتعداه الى استبعادها
بشكل نهائي لشروط الاعفاء من المسؤولية عيوب كثيرة كحرمان الدائن من التعويض من
الضرر وتهديد استقرار المعاملات نظرا لخطورة هذه الشروط فان الاتجاه الغالب في
الفقه يربط صحة الاتفاقات بتوافر الشرطين الآتيين :
- أن يكون الدائن على علم تام بمضمون الشرط
- ألا يكون من الشروط المعفية من المسؤولية والضمان التي لها
مساس بالصحة العامة للمواطنين.
المطلب الثاني :
بعض حالات عدم جواز
الاتفاق على تعديل أحكام المسؤولية
أولا :
حالة التدليس والخطأ الجسيم للمدين
سوء النية في تنفيذ العقد يسمى في الاصطلاح
القانوني غشا وهو يقابل التدليس الذي رافق تكوين العقد فكما يجب خلو العقد من
التدليس عند انشائه كذلك يجب خلوه من الغش عند تنفيذه.
لذا لا يجوز التخفيف من المسؤولية العقدية الى حد الاعفاء من
الفعل العمد او ما يلحق بالفعل العمد وهو الخطأ الجسيم.
شرط الاعفاء من المسؤولية يقع باطلا إذا كان الغش او الخطأ
الجسيم صحيحا في التنفيذ الالتزام صادرا عن المدين شخصيا اما إذا صدر من اتباعه
فان الشرط يعتبر صحيحا.
ثانيا:
مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تتسبب فيها
منتوجاته
وينص الفصل 106 من قانون الالتزامات و العقود على هذه الحالة والعلة من تقرير بطلان
هذا الشرط في هذه الحالات لما فيه من مساس بالصحة والسلامة العامة للمواطنين بما
فيه المتعاقدين وعلى المدين الذي يتمسك بشرط الاعفاء ان يثبت وجود هذا الشرط ويصعب
في كثير من الاحوال على المدين إثبات ان الدائن قبل شرط الاعفاء. تقوم صعوبات في
مثل الحالات لقبول شرط الإعفاء احتمال ان يكون الدائن لم ير هذا الشرط فلا يعتبر
قابلا له وفقا لنظرية الارادة الباطنة، ان الشرط قد يعتبر شرط اذعان تعسفي للقاضي
ان يبطله.
ثالثا:
مسؤولية الدائن عن
الشيء المرهون
يلزم الدائن بان يسهر على حراسة الشيء او الحق
المرهون وعلى المحافظة عليه بنفسه العناية التي حافظ بها على الأشياء التي يملكها
وكل شرط يعفيه من المسؤولية في مواجهة المدين الراهن يعتبر عديم الأثر.
إذا كان شرط الاعفاء من المسؤولية يقع باطلا فان البطلان يطال
الشرط وحده مع الابقاء على العقد قائما إلا إذا لم يكن للعقد ان يستمر دون الشرط
الباطل حيث يبطل في هذه الحالة الشرط والعقد معا.
رابعا:
مسؤولية اصحاب النزل
والفنادق والدور عن امتعة الزبناء
كل شرط يعفي أصحاب هذا المحلات من المسؤولية في
حالة سرقة او هلاك او تعيب اشياء وأمتعة النزلاء والزوار يعتبر عديم الأثر طبقا
للفصل 743 قانون الالتزامات و العقود.
خامسا :
مسؤولية المهندس
المعماري ومقاول البناء
المشرع شدد من مسؤولية المهندس المعماري ومقاول البناء خصوصا
خلال العشر سنوات الموالية لاتمام اشغال البناء وهو ما يعرفه بالضمان العشري وجعل
كل شرط من شأنه اعفاء المهندس او المقاول من المسؤولية عن العيوب والأخطاء في
البناء والصنع أو التخفيف منها خلال هذه المدة يعتبر عديم الاثر خصوصا إذا كان قد
تعمد اخفاء وعدم اظهار هذه العيوب او كانت نتيجة تفريطه الجسيم.