ملخص مدخل لدراسة الشريعة الاسلامية
|
مدخل الشريعة الاسلامية PDF |
الشريعة الاسلامية بمعناها
العام دليل الدين الكلي، حيث يُطلق هذا المسمى على جملة الأحكام والأوامر
والنواهي التي شرعها الله عز وجل على عباده المؤمنين ، ليقدم لهم في ذلك منهجاً
واضحاً لكل ما أحله وكل ما حرمه ونهى عنه.
قال الله عز وجل في محكم تنزيله :
" ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ".
أولا : التعريف اللغوي للشريعة الاسلامية
الشريعة لغة مصدر شرع
بالتخفيف، ومصدر شرع بالتشديد، و يراد بها الطريق المستقيم لأن لفظ شريعة يدل
على الاظهار والبيان، قال تعالى إنا جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها، وقال
تعالى : " لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا "، والمعنى هنا هو السبيل والسنة
أي الطريقة التي تسن بها الأحكام.
قال تعالى : " أم
لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله " و معنى الآية أن التشريع
من اختصاص الله لأنه الحاكم بالحق وغيره باطل.
شاهد ايضا :
لمن يريد التحميل ما عليه الا الضغط على رابط التحميل في اعلى هذه الجملة ولمن يود القراءة دون تحميل فالملخص بالكامل امام حضراتكم.
إن كلمة الشريعة في
اللغة مشتقة من فعل شرع أي أمر وحدد وأحل أو أمر وحدد و منع، وقد أطلق هذا الاسم
على مورد المياه أي الماء الجاري الظاهر للناس، ويشير بشكل دقيق إلى المكان الذي انساب وانحدر
منه الماء ، وشرعت الإبل أي جاءت أو حضرت إلى مكان الماء أو مورده، كما سميت
الأرض الواضحة أو الطريق الواضح والمستقيم بهذا الاسم، أي أن هذا المصطلح يدل على
كل ما هو محدد وواضح خال من الغموض.
ثانيا : التعريف الاصطلاحي للشريعة الاسلامية
الشريعة الإسلامية هي ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات و الاخلاق
التي جاء بها رسله، قال ابن حزم هي ما شرعه الله على لسان نبيه عليه الصلاة
والسلام، فشريعة الله هي المنهج الحق المستقيم الذي يصون الانسانية من الزيغ
والانحراف والوقوع في الهلاك.
وقد جاءت مستقيمة كمورد الماء الذي يغذي الابدان
والشريعة بدورها تحيي النفوس والعقول، و الشريعة الاسلامية هي الاحكام التي شرعها
الله سبحانه لعباده سواء تعلق الأمر بالعقائد أو العبادات والمعاملات و الاخلاق
وتنظم الحياة بين الناس وعلاقة الناس بربهم ومع بعضهم وتحقق سعادتهم في الدنيا و الاخرة، وهي كل ما شرعه الله عز وجل لعباده على الأرض من أحكام وقواعد ونظم وأوامر
أخرجهم بها من ظلمات الجهل والضلال إلى نور العلم والمعرفة والدراية سعياً لتحقيق
الغاية المتمثلة في الحياة بأفضل صورة، أو إقامة الحياة على أساس متين، وتحديد
الطريق الصحيح لتمكين الناس من تحقيق مصالحهم بصورة سليمة.
تعريف الدين :
الدين أحد أهمّ مكونات شخصية الإنسان وتفكيره وسلوكه وتعامله مع
نفسه ومع من حوله ، الدين في اللغة من الفعل دان أي اعتنق واعتقد بفكر ما أو مذهب
ما وسار في ركابه وعلى هداه.
أما الدين في الاصطلاح
فهو جملة المبادئ التي تدين بها أمة من الأمم اعتقادا أو عملا ، والدين في
الاصطلاح الشرعي الإسلامي هو الاستسلام والتسليم لله بالوحدانية وإفراده بالعبادة
قولا ، وفعلا ، واعتقادا حسب ما جاء في شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في
العقائد و الأحكام ، و الآداب ، و التشريعات ، والأوامر و النواهي ، وكل أمور
الحياة . أما في الاصطلاح العلماني فالدين هو شيء قديم من الموروثات ، كان في
مرحلة زمنيّة من حياة الأمم ، والدُول العلمانية قد تجاوزته بفضل العلم ومعطيات
العقل البشري ؛ ففصل عن مجالات التأثير الاجتماعي والسياسي .
تعریف الدین الاسلامي
الدين الاسلامي هو مجموع ما أنزله الله
تعالى على رسوله محمد صلي الله عليه وسلم من أحكام العقيدة والأخلاق والعبادات
والمعاملات و العقوبات في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، و قد أمره الله
بتبليغه إلى الناس كافة ، قال تعالى : " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من
ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ، والله يعصمك من الناس " (المائدة /67)
وما أنزله الله عليه هو القرآن والسنة وفيهما جميع الأحكام وهما
دين الله وهو الإسلام.
الفرق بين الشريعة الاسلامية ومدلولات أخرى :
الشريعة و الاسلام :
الشريعة هي الأحكام التي شرعها الله سبحانه لعباده على لسان
الرسل ، أما الاسلام لغة فهو الانقياد والخضوع لله سبحانه اعتقادا بالقلب وعملا
بالجوارح ، و شرعا هو الايمان بالله و اتباع أوامره واجتناب نواهيه ، وبمعناه
الخاص اسم الدين الذي ختمت به الشرائع وهو مرادف الشريعة الاسلامية ، و بمعنی آخر
هو ارکان الدین الخمسة .
الشريعة و الدين :
لفظ الشريعة الاسلامية
والدين له معنى واحد فالأحكام الالاهية دين و من حيث أنها تكتب وتملى فهي ملة ومن
حيث أنها مشروعة فهي شريعة .
الشريعة و الفقه :
الفقه هو معرفة باطن الشيء والوصول إليه ، يقال أوتي فقها في
الدين يعني فهما فيه ، و الفقه أخص من الفهم ، وهو معرفة النفس ما لها وما عليها
وهو عموما يشمل جميع الأحكام الشرعية في الاسلام سواء کانت بنص صریح ام باجتهاد .
الفقه الاسلامي
تعريف الفقه لغة من أبسط
معاني الفقه في اللغة هو الفهم ، فيقال فقه فلان أي فهم ، وأفقه فلاناً أي أفهمه ،
ويُقال فقه الشيخ المسألة أي عقلها وفهمها وعرف المُراد منها ، وقد وصف الله سبحانه
وتعالى تسبيح كل شيء له و بأننا لا نفهم هذا التسبيح بقوله : ( ولكن لا تفقهون
تسبيحهم ) أي لا نفهم هذا التسبيح .
يقع المعنى الاصطلاحي للفقه على نوعين وهما أن
يُقصد به معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأعمال المُكلفين و أقوالهم ، والمُكتسبة
من أدلتها التفصيلية ، وهذه الأدلة التفصيلية هي القرآن الكريم و السنة النبوية
وما يتعلق بهما من إجماع واجتهاد ، فهذه المعرفة للأحكام الفقهية تكون بالفهم
الصحيح لمصادر التشريع الرئيسية ، وهي كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه وهو القرآن الكريم ، وأيضاً سنة النبي مُحمد عليه الصلاة و السلام
، وهي كل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ، وكذلك
اجتهاد أصحاب العلم من الصحابة والتابعين و العلماء الربانيين ، وإجماع الأمة بعلمائها
على حكم من الأحكام . أما المعنى الأخر للفقه فالمقصود به الأحكام الشرعية نفسها ،
أي أن أحكام الصلاة وأحكام الصيام والزكاة والحج والبيوع والمُعاملات بشتى أنواعها
هي فقه ، فكل هذه الأحكام وغيرها يقصد بها أيضاً فقه ، ففي الأمر الأول أنت تعرف
الأحكام الشرعية وتفهمها وهذا فقه ، والحكم نفسه هو أيضا فقه.
(قالوا يا شعيب ما نفقه
كثيرا ممّا تقول ) هود الآية 91
(ولكن لا تفقهون تستبيحهم ) الإسراء الآية 44
(انظر كيف نصرف الآيات
لعلهم يفقهون ) الانعام الآية 65
ومن السنة قول النبي
صلى الله عليه وسلم في دعائه لابن عباس : اللهم فقهه في الدين ، متفق عليه وقوله
صلى الله عليه وسلم " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "
فالفقه يحتمل معنيين ، معنى الفهم ومعنى العلم بنصوص الشريعة .
اقسام الفقه الاسلامي : العبادات والمعاملات
يقسم الفقه إلى عبادات
ومعاملات ، فما كان مع الله فهو فقه عبادة ، وأما الناس فلهم فقه المعاملة الحنفية
قسموه إلى : فقه عبادات وفقه معاملات و فقه مزاجر .
أما ابن نجيم فقسمه إلى
فقه اعتقادات وعبادات و معاملات و مزاجر و أدب .
الشافعية قسموه إلى فقه
عبادات وفقه مناكحات و فقه معاملات وفقه عقوبات .
شمولية الفقه الاسلامي لجميع فروع القانون الوضعي :
بما أن الاسلام دين
ودولة فقد تكفل التشريع الاسلامي بجميع نواحي الانسان ، سواء علاقته بالناس أو مع
ربه أو مع الخارج ، وقد تأثر به الكثير ، نظرا لشموليته وهو نظام متطور يراعي حياة
الناس المتجددة ، كما أنه خالد لأنه من الله وليس موضوعا من عقل البشر.
القانون المدني :
أولا - أحكام الأسرة :
ويتناول الزواج الطلاق
الوصاية الحجر الارث الرضاعة النفقة الحضانة الوصية فالإسلام يهتم بالإنسان منذ
ولادته إلى غاية مماته وتفريق ميراثه .
ثانيا - المعاملات المالية :
سواء مدنية أم تجارية فتجد
الفقهاء يرتبون أبوابها البيع القرض الاجارة الوديعة العارية الشفعة الشركة
الوكالة الكفالة التعدي على أموال الغير وقد كانوا يحكمون العرف لتطلب التجارة
السرعة
القانون الداخلي العام :
وهو أسمى قانون في الدولة
وينظم أسس الدولة وعلاقة الحاكم بالمحكوم .
ويراد به مجموع
الأحكام التي تنظم مالية الدولة ، وقد بحثه الفقهاء في عدة مواضع في كتب الفقه
الاسلامي ككلامهم عن الزكاة والخراج والعشر و الركاز والمعادن وبيت المال حيث نظم العلاقات
المالية بين الناس والدولة و الفقراء و الاغنياء كما نظم موارد بيت المال وكيفية
صرفه وهو ما يطلق عليه اليوم المالية العامة .
وهو الاحكام التي تنظم السلطة الادارية وسلطتها
على المرافق العامة واختصاصات الإدارة في الدولة .
وهو مجموع الأحكام التي شرعت
لحفظ حياة الناس وأموالهم حيث يحدد العقوبات لكل جريمة والإجراءات الواجب اتباعها
لملاحقتهم ومتابعتهم ومعاقبتهم .
القانون الخارجي العام :
ويعرف في الفقه الاسلامي
بالسير و المغازي ، وهي الأحكام التي تنظم علاقة الدولة مع سائر الدول في زمن
الحرب أو السلم أو المعاهدات والاتفاقيات .
أنواع التشريع : التشريع
الوضعي و التشريع السماوي
التشريع الوضعي :
مجموع القواعد القانونية المكتوبة وغير المكتوبة
التي يضعها الانسان لتنظيم شؤونه ، مصدرها الانسان وإرادته الحرة ، وهي قواعد
تتغير حسب حاجاته باختلاف الزمان والمكان ، فالتشريع الوضعي ينشأ في القبيلة أو
الجماعة أو الأمة صغيرا ثم يكبر معها ويراعي تطورها فهي من تصنعه وتطوره علی حسب
رغبتها .
التشريع الاسلامي :
ولد شابا ونزل من عند الله
كاملا شاملا ولم يأت لقبيلة محددة بل لكل المسلمين ، جاء التشريع الاسلامي لكل
زمان ومكان ودولة وبلاد ، وهو غير قابل للتغيير والتعديل ، لكن له مرونة تراعي
الزمان والمكان دون أن تفقد التشريع جوهره وغايته .
والتشريع الاسلامي ينقسم إلى نوعين :
تشريع إلاهي محض :
ويشمل القواعد التشريعية
المستمدة من النصوص الثابتة وهي القرآن والسنة ، فهذه القواعد التشريعية ثابتة
ومستمرة .
تشريع اسلامي وضعي :
ويشمل آراء الفقهاء والمجتهدين ، فهذه
الاجتهادات لا تتسم بالثبات والاستمرار بل هي صالحة لمكان معين وزمن معين ، هذا
الاجتهاد هو فهم خاص يحتمل الصواب والخطأ ، وهو يعبر عن حاجة من حاجات المسلمين لم
يرد فيها نص قاطع الدلالة ، وهو ما يعبر عنه بالمصالح المرسلة .
اختلاف التشريع الاسلامي عن
التشريع الوضعي :
من حيث
الطبيعة :
التشريع الوضعي مصدره صنع البشر ، لذلك فهو ناقص
وعاجز ودائما بحاجة إلى تعديل أما الشريعة الاسلامية فهي من عند الله وهي محيطة
بكل شيء وليست بحاجة للتغيير أو التبديل لأن قدرة الله .
من حيث النشأة :
القانون الوضعي نشأ في حضن
القبيلة و تطور معها على مر تاريخها ملبيا حاجاتها ، فهو ساير التطور السياسي
والاجتماعي والاقتصادي الحاصل في المجتمعات ، أما الشريعة الاسلامية فلم تنشأ في
حضن المجتمع ولم تتطور معه ، ولم تكن متفرقة وتجمعت ولم تكن قليلة وكثرت ولا قاصرة
فتطورت ، بل أوحاها الله إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فاكتملت يوم نزلت الآية :
" اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا "،
فظلت مستقرة صالحة لكل زمان ومكان.
من حيث
الغاية :
القانون الوضعي غايته تنظيم
شؤون المجتمع على ضوء التطورات وإحقاق العدل وحفظ التوازنات بين الحقوق
والالتزامات وحماية حقوق الافراد والمجتمع بينما الشريعة الاسلامية غايتها إصلاح
الفرد نفسيا وخلقيا وتوجيهه نحو الخير و الاحسان والعبادة و الايمان بالله ثم
إصلاح المجتمع وتحقيق العدل والأمن وصيانة الكرامة الانسانية .
مقاصد الشريعة وخصائصها :
مقاصد الشريعة :
مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد ، وهي ثلاثة
مقاصد ضرورية و حاجية وتحسينية .
1 - المقاصد الضرورية :
أولا : حفظ الدين
وهو الاحكام والعقائد التي
شرعها الله سبحانه ، لهذا وجبت الحرب على من يمنع تبليغ دعوة الله وشرعت عقوبة
الردة لمن يبدل دينه ، والردة تكون بالقول أو بالفعل الشنيع في حق الاسلام ويمهل
المرتد ثلاثة أيام ليتوب وإلا يقتل . قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله
التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الذين القيم ولكن أكثر الناس لا
يعلمون ) الروم : 30 ]
وسائل حفظ الدين :
- كفالة حرية العقيدة
والتدين وحمايتها : فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه دينا معينا ، ويسمح بتعايش مختلف
الأديان داخل دياره وفي رحاب دولته ، ويترك الحرية لأهل الأديان في عقائدهم
وممارستهم التعبدية وتصرفاتهم المدنية كما قال صلى الله عليه وسلم ( لهم ما لنا و
عليهم ما علينا ) قال تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع
وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسمُ الله كثيرا ) [ الحج : 40).
- درء العدوان : قال تعالى : (وقاتلوا في سبيل الله الذين يُقاتلونكم ولا تعتدوا
إن الله لا يُحب المُعتدين ) ( البقرة : 190 )
- الالتزام بتعاليم الدين وتطبيقها بعد القناعة بها : وبذلك تظل للدين حيويته في النفوس وأثره في الوجدان ، ومن هنا
قرن الإيمان والعمل الصالح في كثير من نصوص القرآن ، إذ كثيرا ما يرد في القرآن :
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) البقرة : 277] .
- تشريع عقوبة الردة : وذلك حتى يكون الإنسان جادا في اعتناقه للإسلام ، وحتى لا يقدم
على الإسلام إلا بعد قناعة تامة ، فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه ، بل إن الله
لا يقبل من الدين إلا ما كان نابعا عن قناعة من صاحبه ، فإذا دخله الشخص فمن
المفروض أن يكون على قناعة بما اتخذ من قرار ، فإذا ارتد بعد ذلك فمعنى ذلك أنه
أحدث بلبلة فكرية وسياسية تضطرب بها أوضاع المجتمع ، ويفقد استقراره الفكري والنفسي
المنشود ، كما قال تعالى مبينا دعوة المشركين إلى هذه السياسة : ( وقالت طائفة من
أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذین آمنوا وجه النهار و اکفروا أخره لعلهم يرجعون
) آل عمران : 72
- إقامة سياج من الحاجيات والتحسينات : كأداء الصلاة جماعة و نوافل العبادات المختلفة
وبكل هذه التشريعات يتأصل الدين ، ويرسخ في نفس الإنسان وفي المجتمع ، مما يحقق
الأنس و السكينة ، والخير للفرد والمجتمع .
ثانيا : حفظ النفس
فمن ضروريات الحياة الإنسانية عصمة النفس و صون حق الحياة ، هكذا جاء تحريم قتل النفس
بغير حق ، وشرع لحمايتها القصاص والكفارة و الدية وعدم القائها في التهلكة ودفع
الضرر عنها بكل وسيلة وكل أسباب بقاء النسل البشري من زواج و توالد وأكل وشرب وسكن
. و قد شرع الإسلام عدة وسائل للمحافظة على النفس .
وسائل المحافظة على النفس :
- الزواج من أجل التناسل ، والتكاثر
وإيجاد النفوس ليعمر العالم ، وتشكل بذرة الحياة الإنسانية في الجيل الخالف ، وقد
نوه الإسلام بالعلاقة المقدسة بين الزوجين واعتبرها أية من آيات الله (ومن آياته
أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتستكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) الروم : 21. [
- أوجب على الإنسان
أن يمد نفسه بوسائل الإبقاء على حياته من تناول للطعام والشراب
وتوفير اللباس و المسكن ، فيحرم على المسلم أن يمتنع عن هذه الضروريات إلى الحد
الذي يهدد بقاء حياته .
- أوجب ايضا على الدولة إقامة الأجهزة الكفيلة بتوفير الأمن
العام للافراد ، من قضاء و
شرطة و غيرها ، مما يحقق الأمن للمجتمع .
- أوجب المحافظة على كرامة الآدمي بمنع القذف
والسب ، ومنع الحد من نشاط الإنسان من غير مبرر و بهذا حمى حريات الفكر والعمل
والرأي والإقامة والتنقل وكفلها قال الله تعالى : ( والذين يؤذون المُؤمنين
والمُؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإنما مُبينا) الأحزاب : 58 .[
- تشريع الرخص بسبب الأعذار الموجبة للمشقة التي تلحق
النفس فينشأ منها ضرر عليها ، ومن ذلك : رخص الفطر في رمضان بسبب المرض و السفر ،
وقصر الصلاة في السفر .
- حرم الإسلام قتل النفس سواء قتل الإنسان نفسه أم
قتله غيره قال الله تعالى : (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) النساء :
29] و شنع على هذه الجريمة فاعتبر قتل نفس واحدة بمثابة قتل الناس جميعا ، قال تعالى : ( من قتل
نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس
جميعا ) المائدة : 32] (ولا تقتلوا النفس
التي حرم الله إلا بالحق ) الأنعام : 151]
(ومن يقتل مُؤمنا مُتعمّدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنة وأعد له
عذابا عظيما) النساء : 93 ] وفي الحديث :
(من قتل معاهدا لم يرح ريح الجنة ) .
- أوجب القصاص في القتل العمد، والدية و الكفارة في
القتل خطاً قال : ( يا أيها الذين آمنوا
كتب عليكم القصاص في القتلى ) البقرة: 178
ثالثا : حفظ العقل
للعقل في الإسلام أهمية كبرى فهو مناط المسؤولية ، و به كرم
الإنسان و فضل على سائر المخلوقات ، وتهيأ للقيام بالخلافة في الأرض وحمل الأمانة
من عند الله ، قال تعالى : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ) ] الأحزاب: 72]
وسائل حماية العقل في
الشريعة الاسلامية
- أنه حرم كل ما من
شأنه أن يؤثر على العقل ويضر به أو يعطل طاقته كالخمر و الحشيش وغيرها
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من
عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تُفلحون ) المائدة: 90.
- شرع العقوبة الرادعة على تناول المسكرات ، وذلك لخطورتها
وأثرها البالغ الضرر على الفرد و المجتمع.
- ربى العقل على روح
الاستقلال في الفهم والنظر، و اتباع البرهان ونبذ التقليد غير القائم على
الحجة كما في قوله تعالى : ( أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم ) ] الأنبياء:
24 [ (ومن يدع مع الله الها آخر لا بُرهان لهٔ به فانما حسابهٔ عند ربه) ]
المؤمنون : 117 [ ( قل هاتوا بر هانگم ان کننم صادقین )] البقرة.
- دعا إلى تنمية العقل ماديا ومعنويا ، بالغذاء الجيد
الذي يقوي الجسم و ينشط الذهن ، ومن هنا كره للقاضي أن يقضي وهو جائع ، وفضل تقديم
الطعام على الصلاة إذا حضرا معا .
- التأكيد
على طلب العلم واعتباره أساس الإيمان ، قال تعالى : ( إنما يخشى
الله من عباده العلماء ) فاطر: 128 ( وفل
رب زدني علما ) طه: 114] كما أتاح فرصة التعليم للجميع ، وجعله حقا
مشاعا بين أفراد المجتمع ، بل جعل حدا آدنی منه واجبا علی کل مسلم و مسلمة .
- رفع مكانة العقل
وتكريم أولى العقول ، قال الله تعالى : ( فبشر عبادي الذين يستمعون القول
فيتبغون أحسنه أولئك الذين هداهُمُ الله وأولئك هم أولو الألباب ) الزمر : 17 .
- تحرير العقل من
سلطان الخرافة وإطلاقه من إسار الأوهام ، ومن هنا حرم الإسلام السحر
و الكهانة و الشعوذة و غيرها من أساليب الدجل و الخرافة ، كما أنه منع على العقل
الخوض في الغيبيات من غير سلطان ، أو علم يأتيه من الوحي المنزل على الأنبياء .
رابعا : حفظ النسل
و يراد به حفظ النوع الإنساني على الأرض بواسطة التناسل
ذلك أن الإسلام يسعى إلى استمرار المسيرة الإنسانية على الأرض . ومن أجل تحقيق هذا المقصد شرع الإسلام المبادئ
والتشريعات التالية :
- شريعة الزواج : فقد شرع الإسلام الزواج ورغب فيه و
اعتبره الطريق الفطري النظيف الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة لا بدوافع غريزية محضة ،
ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع ، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل هو حفظ النوع
الإنساني ، وابتغاء الذرية الصالحة التي تعمر العالم وتبني الحياة الإنسانية
وتتسلم أعباء الخلافة في الأرض لتسلمها إلى من يخلف بعدها حتى يستمر العطاء
الإنساني ، وتزدهر الحضارة الإنسانية في ظل المبادئ النبيلة و القيم الفاضلة .
- العناية بتربية النشء وتعميق روابط الألفة : الزام الأبوين برعاية أولادهما والانفاق
عليهم ؛ حتى يتحقق للأولاد الاستغناء عن نفقة الأبوين .
- العناية بالأسرة وإقامتها على أسس سليمة : باعتبارها الحصن الذي يحتضن جيل المستقبل و يتربى فيه ، فقد جعل
الإسلام علاقة الزواج قائمة على الاختيار الحر و التراضي بين الطرفين ، وعلى
الانسجام و التشاور في كافة الشؤون بحيث تشيع روح المودة و التفاهم ، وسعي كل من
الزوجين في سعادة الأخر ، قال تعالى : (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا
لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) ]الروم : 21 . [
- إحاطة العلاقة بين الذكر والأنثى بمجموعة من
المبادئ والأداب الأخلاقية : التي تضمن تحقيق الأهداف السامية لهذه العلاقة ، وتستبعد الممارسات
الفوضوية للعلاقات بين الجنسين .
خامسا :
حفظ المال
المحافظة على أموال الناس ، و فرض عقوبة على
السرقة و الغش و أكل أموال الناس بالباطل و إتلاف مال الغير ، كما نظم البيع
والتجارة بالعدل والحق ، أيضا أباح الملكية الفردية ، وشرع في ذات الوقت من النظم
و التدابير ما يتدارك الاثار الضارة التي قد تنجم عن طغيان هذه النزعة من فقدان
للتوازن الاجتماعي ، وتداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع ، ومن النظم التي
وضعها لأجل ذلك نظم الزكاة و الإرث و الضمان الاجتماعي ، ومن ثم اعتبر الإسلام
المال ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية . وشرع من التشريعات والتوجيهات ما يشجع
على اكتسابه و تحصيله ، ويكفل صيانته وحفظه و تنميته ، وذلك على النحو التالي :
- الحث على السعي لكسب
الرزق ، وتحصيل المعاش فقد حث الإسلام على
كسب الأموال باعتبارها قوام الحياة الإنسانية ، واعتبر السعي لكسب المال إذا توفرت النية الصالحة وكان من الطرق المباحة
ضربا من ضروب العبادة ، وطريقا للتقرب إلى الله قال تعالى : ( هو الذي جعل لكم
الأرض دلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) الملك : 15 ]
وقال تعالى : ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في
الأرض وابتغوا من فضل الله )] الجمعة : 10.[
-
رفع منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال ، قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : (ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده ، وإن نبي الله
داود كان يأكل من عمل يده ) .
-
إباحة المعاملات العادلة التي لا ظلم فيها ولا اعتداء على حقوق الآخرين ، ومن أجل ذلك
أقر الإسلام أنواعا من العقود كانت موجودة بعد أن نقاها مما كانت تحمله من الظلم ،
وذلك كالبيع والإجارة والرهن و الشركة و غيرها ، وفتح المجال أمام ما تكشف عنه
التجارب الاجتماعية من عقود شريطة أن لا تنطوي على الظلم أو الإجحاف بطرف من
الأطراف ، أو تكون من أكل أموال الناس بالباطل .
-
ضبط التصرف في المال بحدود المصلحة العامة ، ومن ثم حرم اكتساب المال
بالوسائل غير المشروعة و التي تضر بالآخرين ، ومنها الربا لما له من آثار تخل
بالتوازن الاجتماعي ، قال تعالى : (وأحل الله البيع وحرم الربا ) البقرة : 275 و قال : ( ولا تأكلوا أموالكم
بينكم بالباطل) ] البقرة: 188.
-
حرم الاعتداء على مال الغير بالسرقة أو السطو أو التحايل ، وشرع العقوبة على
ذلك قال تعالى : ( والسارق و السارقة فاقطعوا أيديهما ) المائدة:. 38 وأوجب الضمان
على من أتلف مال غيره .
-
منع إنفاق المال في الوجوه غير المشروعة وحث على إنفاقه
في سبل الخير، وذلك مبني على قاعدة من أهم قواعد النظام الاقتصادي الإسلامي : وهي
أن المال مال الله ، وأن الفرد مستخلف فيه ، ووكيل قال تعالى : (وأنفقوا ممّا
جعلكم مُستخلفين فيه ) الحديد : 7 ( و آثوهم من مال الله الذي أتاكم ) ] النور: 33] ومن ثم كان على صاحب المال أن يتصرف في ماله
في حدود ما رسمته له الشريعة الإسلامية .
- سن
التشريعات الكفيلة بحفظ أموال القصر و الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم ، من
يتامى و صغار ؛ حتى يبلغوا سن الرشد ، ومن هنا شرع تنصيب الوصي عليه قال تعالى : (
وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم
) النساء : 6] .
2 - المقاصد
الحاجية :
و هي الأمور التي تسهل حياة
الناس وترفع الحرج عنهم مثل التيمم و الفطر في رمضان وأكل الميتة و إباحة المساقات
و المزارعة وغيره . وهي تلي المقاصد الضرورية ، فتأتي في المرتبة الثانية ، وهي مفتقر
إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت
المطلوب ، فإذا لم تراع دخل على المكلفين الحرج و المشقة ، ولكن لا يبلغ مبلغ
الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة ، والمقصود بالمقاصد الحاجية هو ما تحتاج
الأمة إليه لاقتناء مصالحها ، و انتظام أمورها على وجه حسن ، بحيث لولا مراعاته
لما فسد النظام ، ولكنه كان على حالة غير منتظمة فلذلك كان لا يبلغ مرتبة الضروري
، و تجري الحاجيات في العبادات والعادات والمعاملات والجنايات على ما وجد في
الضروريات من حفظ الكليات الخمس فبالنسبة للدين يظهر في التيمم والقصر والجمع ،
وفي الصوم بالفطر في السفر والمرض وبالنسبة للنفس يظهر في الرخصة للمضطر في أكل
الميتة ، وشرعية المواساة بالزكاة ، وإباحة الطلاق والخلع وبالنسبة للمال يظهر في
الترخيص في الغرر والسلم والقرض والشفعة ، وبالنسبة للعقل يظهر رفع الحرج عن
المكره ، وعلى الخوف على النفس عند الجوع والعطش والمرض .
3 - المقاصد التحسينية :
ترجع في أصلها إلى مكارم
الأخلاق وهي مكملة ، كالطهارة وعدم الخطبة فوق الخطبة والزينة عند المسجد و آداب
الأكل والشرب والسفر ، تقع المقاصد التحسينية في مرتبة مكملة للمرتبتين التي قبلها
من الضروريات و الحاجيات ، فهي الأخذ بما يليق من المحاسن ومكارم الأخلاق ، مما
يضفي على الشريعة أكمل الأوصاف ، وما يتناسب في تحقيقها على أبهج الصور والعادات
ما يميزها ويرتقي بالمكلفين أحوالا . فهي تجري في العبادات والعادات والمعاملات و الجنايات
، وعلى ما وجد في الضروريات و الحاجيات من حفظ للكليات الخمس ، فبالنسبة للدين
كالطهارات بالنسبة إلى الصلوات ، وأخذ الزينة من اللباس ، وبالنسبة للنفس كالرفق و
الإحسان ، وآداب الأكل والشرب ، وبالنسبة للعقل كمباعدة الخمر و مجانبتها ،
وبالنسبة للنسل كالإمساك بالمعروف ، أو التسريح بالإحسان ،
وبالنسبة للمال كأخذه من غير إشراف نفس ، والتورع في كسبه واستعماله .
خصائص الشريعة الاسلامية
يرجع تميز الشريعة الاسلامية
إلى مصدر التشريع فهي تعتمد على الوحي الالاهي ، ثم مميزات أخرى وهي الشمولية و
الوسطية والواقعية والثبات والمرونة.
اولا : ربانية
المصدر بمعنى أن مصدرها
هو الله سبحانه وتعالى ، كما أن أحكامها تهدف الى ربط الناس بخالقهم ، فهي الوحيدة
التي لها الحق في أن تسود و تحكم ، عكس الشرائع الأخرى الوضعية ، وبناء على ذلك
يجب على المؤمن أن يعمل بمقتضى أحكامها ، قال تعالى : ( وما كان لمؤمن ولمؤمنة إذا
قضى الله ورسوله أمر ان يكون لهم الخيرة من أمرهم... ) الأحزاب الأية 36 ، وقال
ايضا ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا
مما قضيت ويسلموا تسليما) سورة النساء الآية 65 ، وقد نتج عن خاصية الربانية عدة نتائج أهمها :
خلو أحكام الشريعة الإسلامية من أي نقص أو تناقض لأن منشئها هو الله صاحب الكمال
المطلق ، فهي معصومة من الخطأ والزلل ، فهي شريعة عادلة لا تميل للحاكم على حساب
المحكوم ، ولا تميز بين قوي أو ضعيف ، بل تُحرم الظلم وتحاسب عليه في الدنيا و الآخرة
، أحكامها لها عند المؤمن هيبة لأنها من عند الله تعالی .
ثانيا : الشمولية
زمانا و مكانا و انسانا وأحكاما ،
فمن حيث الزمان : انها شاملة لجميع الأزمنة
لا تقبل نسخا أو تعطيلا ، فهي الحاكمة الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
وأما من حيث المكان فهي عالمية فلا
تحدها حدود جغرافية فهي نور الله الذي يضيء جميع أرض الله ، من حيث
الإنسان : وهذا مترتب عما قبله فعالميتها تقتضي كونها خطابا لجميع الناس فهي
منزلة للخلق كافة وهي من عند خالقهم لقوله عز وجل ( قل يا أيها الناس اني رسول
الله اليكم جميعا .. ) سورة الأعراف الآية 158 وقال ( وما ارسلناك إلا رحمة
للعالمين) سورة الأنبياء الأية 107 ،
قال الرسول صلى الله عليه
وسلم ( كان النبي يبعث الى قومه خاصة وبعثني الى الناس عامة ) ،
من حيث الأحكام : ان احكام الشريعة تناولت جميع شؤون الحياة فهي تتسع لحياة الإنسان
كلها وتتناولها من كل أطرافها ومختلف جوانبها الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ،
وتخاطبه في جميع مراحل حياته وتحكم جميع علاقاته بربه وبنفسه وبغيره ، كما أنها
مصوغة في القرآن الكريم بأسلوب ادبي رائع يخاطب العقل والقلب معا .
ثالثا : الواقعية
وتتجلى في اعتبار و مراعاة واقع المكلفين و مظهر
ذلك تقرير انواع من الرخص و التخفيفات بجميع انواعها مثل اسقاط كإسقاط القبلة عن
اصحاب الأعذار وتخفيف إبدال كالتيمم بدل الوضوء عند تحقق موجباته وتناول المحرم
عند الضرورة في مثل قوله تعالى ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه .. ) سورة
البقرة الآية 173
رابعا : الوسطية
يراد بها التزام أحكام الشريعة الإسلامية لنقاط الاتزان
بين جميع المتقابلات فهي وسط بينها هذا ما يكسبها القوة و الدوام ، فقد نصت
الشريعة على التملك الفردي المنضبط وسطا بين الغائه وتحريره من كل القيود ، وحثت
على الشجاعة وهي وسط بين (الجبن والتهور ) و امرت بالإنفاق وهو وسط بين البخل
والتبذير في قوله تعالى ( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد
ملوما محسورا ) سورة الإسراء الآية 29
خامسا : الجمع بين الجزاء الدنيوي و الأخروي
تتفق الشريعة مع القانون الوضعي في توقيع الجزاء
على المخالف لأحكامها في الدنيا في حين لا تمتد يد القانون الوضعي الى معاقبة
الإنسان في أخرته ، بينما تعاقب الشريعة مخاليفها في الآخرة ، فهي تجمع بين
الجزاءين معا .
سادسا : الجمع بين الثبات
والمرونة
يتجلى الثبات في أصولها و كلياتها و قطعياتها ،
وتتجلى المرونة في فروعها وجزئياتها ، فالثبات يمنعها من الميوعة والذوبان في
غيرها من الشرائع والمرونة تجعلها تستجيب لكل المستجدات العصرية ومن مظاهر مرونتها
وتطورها خلوها من الطقوس والشكليات وموافقتها للفطرة الإنسانية ووضعها سبلا لعلاج
ما يجد من الحکام عن طریق الاجتهاد .
سابعا : الموازنة بين مصالح
الفرد والجماعة
ان الشريعة على خلاف القوانين
الوضعية توازن بين مصالح الفرد والجماعة فلا تميل الى الجماعة على حساب الفرد أو
العكس ، فهي تحفظ مصالح العباد بحفظها لنظام الأمة ، وتقطع أصول الفساد غايتها حفظ
مصالح العباد سواء الضرورية منها او الحاجية أو التحسينية ، ثم أنها شريعة مستقلة
عن باقي الشرائع أو النظم القانونية البشرية ، لأن نظرتها الأساسية وتصورها مختلف
تماما عن هذه النظم والقوانين البشرية الوضعية ، فهي تمزج بين الأحكام العملية و الأخلاق
.
مصادر الشريعة الاسلامية
لكل قانون مصادر ، سواء كان وضعيا أم سماويا ،
يستقي منها إلزاميته ويقصد بمصادر التشريع الأدلة الشرعية التي تؤخذ منها الأحكام
والتي يرجع إليها في كل طارئ أو نازلة ، أو لنقل هي المنبع التي تستقي منها
الشريعة أحكامها .
تنقسم هذه المصادر إلى مصادر أصلية وهي الكتاب
والسنة ، ثم مصادر أخرى تبعية كالإجماع والقياس ، وهناك من قسمها إلى مصادر نقلية
وهي الكتاب و السنة وعمل أهل المدينة وقول صحابي ، ومصادر عقلية وهي القياس
والاستحسان والمصالح المرسلة وسد الذرائع والاستصحاب والعرف ، والحقيقة أن الأدلة
النقلية لا تنفك عن الأدلة العقلية لأنه ينظر إليها بالعقل الذي هو الة الفهم و الادراك
. فكلا الدليلان متلازمان فلا نقل بلا عقل ، ولا عقل بلا نقل ، وهناك تقسيم آخر
وهو مدى اختلاف ائمة المسلمين ، فهناك ما اتفق عليه ائمة المسلمين وهو الكتاب
والسنة ، وهناك ما اتفق عليه جمهور ائمة المسلمين وهو الاجماع و القياس ، وهناك ما
اختلف فيه علماء المسلمين مثل العرف والاستصحاب و المصالح المرسلة وشرع ما قبلنا
ومذهب الصحابي .
مصادر التشريع هي الأدلة
الشرعية التي تستنبط منها الأحكام الشرعية والأدلة وفي الاصطلاح : هو ما يتوصل
بصحيح النظر فيه إلى حكم شرعي عملي مطلقا . أي سواء أكان الاستنباط على سبيل القطع
أم على سبيل الظن ، فيصير الدليل قسمين : قطعي الدلالة ، وظني الدلالة . والتشريع
الإسلامي هو مجموعة الأنظمة التي شرعها الله تعالى للأمة الإسلامية في القرآن
الكريم ، أو في السنة النبوية ، وكذلك باجتهادات الفقهاء ، فما ثبت فيه نص شرعي
يقال له : شريعة ، وما تقرر بالاجتهاد في ضوء النص يقال له : فقه . قال الإمام
الشافعي رحمه الله : " ولا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله ، أو سنة رسوله
صلى الله عليه وسلم ، وما سواهما تبع لهما " .
المصادر الأصلية
أولا : القرآن
القران هو الكتاب المقدس الذي
أنزله الله سبحانه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، معناه من عند الله ، ومبناه
من عند الرسول ، والسر في إنزاله بلفظه ومعناه أنه الكتاب الأخير لخاتم الرسل ،
أنزله ليكون دستور الأمة إلى يوم الدين ولو أنزله بمعناه فقط لكان عرضة للتبديل و التغيير
.
نزول القرآن منجما : مقسما على مدى
ثلاث وعشرين سنة ولم ينزل دفعة واحدة لتثبيت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وإذا كان القرآن نزل منجما حسب الحوادث والمناسبات فإن جبريل الأمين هو الذي كان
يبين ما ينزل من السور حتى یحفظ مرتبا
وکان رسول الله صلی الله علیه وسلم یعرض ما عنده من القرآن علی جبریل ، و بقي القرآن في
صدور الصحابة رضوان الله عليهم مرتبا كما كان إلى حين معركة اليمامة حيث استشهد
عدد كبير من الصحابة فأشار عمر على ابي بكر أن يجمع القرآن فجمع من الصحائف
والأديم وكتب في المصحف فدعا أبو بكر زيد بن ثابت وأمره بجمع القرآن حيث كان يحفظ
القرآن عن ظهر قلب من ايام رسول الله صلى الله عليه وسلم .
خصائص القرآن :
انه نزل لفظا ومعنى
بلسان عربي مبين ونقل إلينا بالتواتر من جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم وهكذا جماعة عن جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب والتواتر محقق في جميع
مراحل جمع القرآن حتی وصل الینا کاملا غیر
منقوص .
1 - لفظ القرآن ومعناه من عند الله وليس من عند الرسول ،
قال تعالى " وإنه لتنزيل رب العالمين ، نزل به الروح الامين على قلبك لتكون
من المنذرين بلسان عربي مبين " .
2 - نقل القرآن إلينا متواترا ، والتواتر هو نقل القرآن
عن النبي صلى الله عليه وسلم من أقوام لا يحصون ولا يتصور تواطؤ كلهم على الكذب ،
لكثرة عددهم وتباين أماكنهم ، فالتواتر محقق في جميع مراحل نقل القرآن ، و
الاصوليون يفيدون أن التواتر يفيد اليقين والعلم القطعي .
3- وصل القرآن إلينا دون زيادة أو نقصان ، كما أنزل منذ
اليوم الأول رغم مرور السنين وتطور الحضارات وتطور التقنيات ووسائل الاتصال .
4 - هو كتاب معجز ، فقد تحدى فصحاء العرب
وعجزوا عن تقليده ، فهو يعلو ولا يعلى عليه ، أسلوبه في التصوير والتعبير فريد
معجز ، جامع مانع مليء بأوجه البلاغة .
5 - هو حجة على الناس
جميعا ، فالقرآن هو أساس الدين وحبل الله المتين الذي أمر الله الناس بالتمسك
به ، قال تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا .. "
اسس التشریع القراني
1- عدم الاحراج ، وإزالة التعنت والشدة ،
قال تعالى " ويضع عنهم إصرهم و الاغلال
التي كانت عليهم " وقال أيضا " يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
" .
2 - تقليل التكاليف ، لأن كثرة
التكاليف حرج .
3 - التدريج في
التشريع ، من ذلك التدرج في تحريم الخمر ففي البداية نزلت الأية " فيهما
إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " ثم نزلت أية أخرى تنهى عن
شرب الخمر قبل الصلاة في سورة النساء " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة
وأنتم سكارى .. " ثم جاء التصريح بالنهي في سورة المائدة " يا أيها
الذين آمنوا إنما الخمر والميسر و الانصاب و الازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه
لعلكم تفلحون "
الحياة القانونية
التى رسمها القران
1- في مجال القضاء : أمر القرآن
بالعدل و الشهادة بالقسط ، قال تعالى " وإذا حكمت فاحكم بينهم بالقسط "
2- في مجال العقود : أمر القرآن بالوفاء
بالعهود ، قال تعالى " يا أيها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين إلى أجل مسمی
فاکتبوه " وقال تعالی " و آوفوا بالعهد "
3 - في مجال الاخلاق المرتبط بالقانون : من ذلك تحريم
الربا والمضاربات والغموض في العقد
4 - في مجال الاسرة : حرم استعباد
المرأة واعتبارها بضاعة تورث ، وأعطاها حقوقا لم تعرفها البشرية قبل ذلك .
5 -
في الجانب الجنائي : جاء النهي عن السرقة و الزنا و القذف ، مع إمكانية
العفو .
6 - في الجانب الأمني وحالة الحرب : فجاء تحديد من يجب قتاله ومن لا يجب في حقه ذلك ، ثم تحديد أخلاقيات الحرب
وكيفية معاملة الاسرى .
اسلوب القرآن فی بیان الاحكام
أولا : أسلوب طلب
الفعل
1- صريح الأمر : " إن الله يأمر
بالعدل و الاحسان وإيتاء ذي القربى "
2 – الإخبار : بأن الفعل مكتوب على المخاطبين " كتب عليكم
القصاص .. "
3 - الإخبار بأن الفعل مكتوب على الناس كافة " وعلى
الناس حج البيت .. "
4 - جعل الفعل المطلوب على المطلوب منه "
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء "
5 - أن يطلب بالصيغة الطلبية " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
"
6 - التعبير بفرض ، " قد علمنا ما فرضنا
عليهم في أزواجهم وما ملكت ايمانهم "
7- ذكر الفعل جزاء الشرط ، " وإن كان ذو عسرة
فنظرة الى ميسرة "
8 - ذكر الفعل مقرونا بلفظ خير ، "
ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير "
9 - ذكر الفعل مقرونا بوعد ، " من ذا الذي يقرض
الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة"
10 - وصف الفعل بأنه بر ، " لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبون "
ثانيا : أسلوب القرآن فى طلب الكف عن الفعل
1 - صريح النهي ، إنما ينهاكم الله عن
الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم .. "
2 – التحريم ، " قل
إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن .. "
3 - عدم الحل ، " لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
"
4 - صيغة النهي ، " ولا تقربوا ما
اليتيم .."
5- نفي البر عن الفعل ، " ليس البر أن تولوا
وجوهكم قبل المشرق والمغرب .. "
6 - نفي الفعل ، " فان انتهوا فلا عدوان
الا على الظالمين "
7 - ذکر الفعل مقرونا باستحقاق الاثم ، " فمن
بدله فانما ائمه علی الذین ییدالونه "
8 - ذكر الفعل مقرونا بالوعيد ، " والذين يكنزون
الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب .."
9 - وصف الفعل بأنه شر ، " ولا تحسبن الذين يبخلون
بما أتاهم الله من فضله هو خيرا لهم "
ثالثا :
أسلوب القرآن فى بيان الحكم المخبر بين الفعل والترك
1 - لفظ الحل مسندا إلى فعل أو متعلقا به ، " أحلت
لكم بهيمة الانعام "
2 - نفي الائم ، " فمن خاف من موصل
جنفا أو اثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه "
3 - نفي الجناح ، " ليس على الذين
آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما تقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا
"
اعجاز القرآن :
هو إعجاز لغيره و إثبات
له ، وهو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو معجز بلفظه ومعناه ، لفظا من ناحية
بلاغته و اسلوبه ومن ناحية معناه أخباره عن الأمم السابقة وحوادث في المستقبل وما
زال العلماء يكتشفون الغازه إلى يومنا هذا . تحدى العرب والعجم أن يأتوا بأية
واحدة منه رغم أن العرب كانوا أهل بلاغة ولغة .
انواع احكام القرآن وحجیته :
أجمعت الأمة على أن
القرآن المصدر الأول للتشريع فإذا نص القرآن على حكم وجب العمل به والسنة في
المرتبة الثانية في التشريع ودلالته إما لفظية واضحة أو ظنية .
وبيان هذه الأحكام
جاء على ثلاثة أنواع :
1 - البيان الكلي
: وهو الذي يحدد
المعالم العامة لأمر ما وترك تفصيلها لأهل العلم حسب الظروف الزمانية والمكانية .
مثال وشاورهم في الأمر .
2 - بيان إجمالي : وهو ذكر الأحكام بصيغة مجملة ، مثال : أقيموا
الصلاة ، فلم يذكر كيفية الصلاة ، لكن السنة النبوية تشرح الكيفية ، صلوا كما رأيتموني
اصلي .
3 - بيان تفصيلي
: وهو ذكر الأحكام
مفصلة وغير مجملة ، مثال : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .
المصدر الثاني من
مصادر التشريع الاصلية : السنة
أولا : تعريف السنة ،
لغة هي الطريقة
المتبعة والسيرة المستقيمة ، سنة الله في الذين خلوا من قبل ، من سن سنة حسنة فله
أجرها وأجر من عمل بها ، واصطلاحا هي ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
قول أو فعل أو تقرير .
وفي اصطلاح العلماء
هي ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه شريطة أن يثبت عليه صلى الله عليه وسلم
ثبوتا صحيحا ، أما في اصطلاح الاصوليين فهي تطلق على كل قول أو فعل أو تقرير منسوب
إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أثبت حكما شرعيا لأن موضوع الأصوليين هو الدليل
الشرعي لإثبات الأحكام .
ثانيا : تقسيم
السنة
1 - السنة
القولية :
هي
كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقوال لها صفة التشريع في مختلف
المناسبات ، وغير ذلك من النواهي والأوامر والأخبار التي تتضمن حكما شرعيا .
2 - السنة
الفعلية :
وهي
افعال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل كيفية الصلاة والحج أما بعض الأمور الخاصة
به فلا تلزم أحدا ولا تعتبر تشريعا كطريقة أكله وشربه ونومه وتدخل في الأمور
المستحسنة فعلها لكنها غير ملزمة ، وأيضا خبرته في الحرب وتنظيم الجيوش ، ثم ما
كان خاصا به مثل صيام الدهر والتزوج بتسعة نسوة والتهجد الطويل بالليل .
3 - السنة
التقريرية :
وهي سكوت رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن إنكار قول أو فعل بين يديه فهذا السكوت يدل على الجواز ،
مثال صلاة بني قريضة .
ثالثا : أنواع
السنة من حيث سندها
1 - السنة
المتواترة :
التواتر لغة هو
تتابع شيئين ، واصطلاحا هو خبر اقوام يستحيل تواطؤهم على الكذب ، والسنة المتواترة
هي التي يرويها رواة كثيرون يستحيل تواطؤهم على الكذب ، ونقلت جماعة عن جماعة حتى
وصلت إلينا والتواتر نوعان معنوي وهو مما اتفق رواته على معناه ، وتواتر لفظي اتفق
رواته في لفظه .
2 - السنة
المشهورة :
وهي ما اشتهر من
السنة ولكنه لم يبلغ حد التواتر .
3 - سنة الآحاد :
لم تبلغ حد التواتر
ولم تشتهر لكنها تفيد الظن الراجح بصحتها ويلزم العمل بها ، لكن تفاوت العلماء في
مقدار العمل بها فمنهم من توسع في ذلك ومنهم من اشترط من أجل الأخذ بها مثل عدم
تعارض مع الكتاب والسنة المتواترة والمشهورة .
رابعا : حجية
السنة ومنزلتها من القران
1
- حجية السنة :
لا
خلاف حول حجية السنة واعتبارها دليلا على حكم شرعي و مصدرا من مصادر الفقه
الاسلامي يجب العمل بمقتضاها ، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وقد نفي الايمان عن
من لم يحتكم إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ما قضى به رسول الله صلى
الله عليه وسلم يشمل ما كان بقرآن أو سنة ولا بد من الاطمئنان و الرضى بهما تركت فيكم
أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما ، كتاب الله وسنتي . قال تعالى " قل أطيعوا
الله والرسول " .
2
- منزلة السنة من القرآن :
السنة
مصدر للتشريع ، لكن مرتبتها ثانية بعد القرآن ، فالمجتهد يبحث عن الحكم في القرآن
فإن وجده أخذ به وإن لم يجده بحث في السنة ، ومنه حديث معاذ الذي بعث إلى اليمن
فقال له بما تقضي قال بكتاب الله ، قال فإن لم تجد قال بسنة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، فقال الحمد لله . وتقديم القرآن على السنة لا يعني أن هناك تعارضا
بينهما بل تكون – مؤكدة لحكم القرآن ، - أو شارحة لنصوص القرآن فتبين كيفية الصلاة
وأن القاتل لا يرث رغم أنه في القرآن يرث ضعف الانثى ، - وقد تأتي السنة بحكم جديد
لا يكون في القرآن .
المصادر التبعية
: الإجماع والقياس
أولا : الإجماع
1 - تعريف
الإجماع :
لغة العزم والتصميم
على الأمر ، فأجمعوا أمركم وشركاءكم " ، واصطلاحا هو اتفاق مجتهدي الأمة على
حكم شرعي اجتهادي لا نص فيه.
2 - شرح التعريف :
-
اتفاق المجتهدين :
اشتراكهم يعني القول والفعل أو ما في معناهما من التقرير والسكوت
-
المجتهدين : كل من بلغ درجة
الإجتهاد ، اي حصول له ملكة استنباط الأحكام الشرعية .
-
بعد وفاته : في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوجد إجماع .
- اجتهادي : من ليس فيه نص شرعي .
3 - مستند الإجماع :
ليتحقق الإجماع لا بد أن يستند إلى دليل لأن القول في الأمور
الشرعية من غير دليل خطأ ، والأمة الاسلامية لا تجتمع على خطأ ،فلا بد أن يكون
إجماع المجتهدين على دليل لئلا تجتمع الأمة على خطأ. ومستند الإجماع أن يكون من الكتاب والسنة كما
يمكن أن يكون من القياس أو العرف أو غيره من أنواع الإجتهاد .
- الاجماع المستند الی کتاب ، حرمت علیکم آمهات کم
وبناتکم
- الإجماع المستند الى السنة
- الاجماع المستند إلى قياس ، تحريم شحم الخنزير قياسا
على حرمة لحمه .
4 - أنواع الإجماع
صريح أو سكوتي ،
- الصريح : أن يتفق المجتهدون بالقول أو الفعل على حكم شرعي مجتهد فيه ،
- أما السكوتي : فأن يتكلم بالحكم مجتهد ويسكت الباقي من غير موافقة أو مخالفة
البقية ، رغم أن البعض أنكره ، ويبقى الإجماع دليلا شرعيا ومصدرا للتشريع .
5 - حجية الاجماع
اتفقوا على حجية الإجماع الصريح ، واختلفوا في حجية
الاجماع السكوتي لأنه ليس له دلالة قطعية على الموافقة رغم أنه غالبا ما يكون
بالموافقة لأن العلماء لا يخشون في الله لومة لائم فلا يعتبر أن يسكنوا عن أمر
خاطى ، ودلائل حجية الاجماع كثيرة منها قوله تعالى ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي
الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ، سورة النساء 83، وكذلك قوله صلى الله
عليه وسلم فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وقال أيضا لا تجتمع أمتي على
خطأ . وكلها تدل على حجية الإجماع .
ثانيا : القياس
1 - تعريف القياس :
لغة هو التقدير والمساواة ، واصطلاحا هو الحاق امر لم يرد حكمه
بأمر ورد حكمه لاشتراكهما في علة الحكم فهذا الالحاق يسمى قياسا ، والمسألة
المنصوص على حكمها تسمى مقيس عليه والحكم الذي ورد في نص المقيس عليه تسمى حكم
الأصل ، والمسألة التي لم يريد فيها نص ويراد إلحاقها بالمقيس عليه تسمى الفرع أو
المقيس والعلة التي من أجلها شرع الحكم تسمى العلة .
2 - أركان القياس :
- المقيس عليه : الاصل وهي الحادثة التي ورد فيها نص .
- المقيس : وهو الحادثة التي يراد معرفة الحكم فيها .
- الحكم : الحكم الشرعي
الثابت للاصل .
- العلة : وهي الوصف الموجود في الاصل الذي من أجله شرع
الحكم .
أمثلة على القياس : الخمر حرام ، اذن الحشيش حرام .
3 - حجية القياس :
يأتي القياس في المرتبة
الرابعة ، وهو مختلف في كونه مصدرا للتشريع الاسلامي إلا أن جمهور العلماء ذهبوا
إلى اعتباره مصدرا من مصادر التشريع الاسلامي ، من القرآن فردوه إلى الله والرسول
، يعني قيسوا عليه من أحكام القرآن والسنة ، وفي السنة في حديث معاذ فإن لم تجد
فقال : أجتهد رأيي ولا الو ، فقال الحمد لله .
وهذا يدل على إعمال العقل و الإجتهاد والقياس من
أعمال العقل بالقياس على أحكام مشابهة في القرآن والسنة .
من الإجماع فقد أجمع الكثير من الصحابة على
القياس فقد جاء في كتاب عمر إلى أبي موسى : اعرف الاشباه والنظائر ثم قس الأمور
عند ذلك .
الأدلة المختلف فيها
الاستحسان : لغة هو الحسن ، أو استحسن الشيء عده حسنا واصطلاحا هو ترجيح قياس
مستحسن على آخر .
ادوار الشریعة الاسلامية
- دور التأسيس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
- دور البناء والكمال ، عصر
الإجتهاد
- دور التنظيم عصور الجمود
- دور النهضة الحالية
اولا - دور التأسيس :
استمر الرسول
رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناس إلى الاسلام 23 سنة ، 13 سنة في مكة و 10
سنوات في المدينة ونفرق بين المرحلتين في عصر النبوة بين كل من التشريع المكي
والتشريع المدني .
1 - المرحلة المكية :
في هذه المرحلة عني الوحي بإصلاح العقيدة وتخليصها من الشوائب
وتهذيب النفوس وإقناعها لاستقبال الدين الجديد ، ودعاهم الى استعمال عقولهم ، افلا
تتفكرون ؟ أفلا تعقلون ؟ ثم دعاهم الى عبادة الله الواحد الأحد ، أن لا نعبد إلا
الله ولا نشرك به شيئا ، كما طلب منهم أن يؤمنوا بالرسل من قبلهم وجدال أهل الكتاب
بالتي هي أحسن وأخبرهم بقصص الأمم السابقة ،وقد قاسى النبي رسول الله صلى الله
عليه وسلم من أذى قريش الشيء الكثير
2 - المرحلة المدنية
:
كان جو المدينة ملائما
أكثر للتشريع حيث اتسعت الحركة الفقهية وتكونت النواة الاولى للدولة الاسلامية وما
تطلبته من وجود تشريع وأحكام في نوازل جديدة لم تكن تطرح في مكة فتدخل الوحي لينظم
الحياة المدنية الجديدة وتنظيم الدولة داخليا وخارجيا ، ونظمت العبادات وأحكام
الجهاد والعقوبات للجنايات المطروحة وتنظيم الأسرة وأحكام الزواج والطلاق
والمواريث و الوصايا ففي الحرب نزلت الآية وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على
الله ، و قال أيضا : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا . وفرض
الصيام ، ولم يهدم الإسلام كل ما كان في الجاهلية بل طهره ونقاه وهدم الفاسد وأبقى
الصالح ، وأحل البيع وحرم الربا وحرم الزنى واختلاط الأنساب وحرم الخمر ونظم الارث
وجعله مبنيا على القرابة عوض أن كان مبنيا على التبني والحلف والمعاهدة ، ادعوهم
لأبائهم هو أقسط عند الله ، ولم ينزل التشريع دفعة واحدة بل نزل بالتدرج حسبما تقتضيه النازلة والحاجة وكان هذا التدرج
رحمة للناس ورفعا للمشقة عليهم وتيسيرا عليهم حيث لم يكونوا سوى حديثي العهد
بالإسلام وكانت اعرافهم ما تزال قائمة في نفوسهم ، قالت عائشة ولو نزل أول شيء لا
تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا .
فالتشريع في هذه المرحلتين كان لا يقوم إلا على
الكتاب والسنة فكان الرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما استجدت نازلة انتظر
الوحي الالاهي فإن لم ينزل تصرف فإن أصاب أقره وإلا تدخل لتصحيح الوضع كما حدث في
اسرى بدر ، ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض تريدون عرض الدنيا
والله يريد الآخرة . وليس معنى هذا أن التشريع كان يعتمد على القرآن فقط بل وقعت
حوادث قضى فيها رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديث لا بالقرآن وكل ما
قاله رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو تشريع وما ينطق عن الهوى إن هو
إلا وحي يوحى ، فرسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبين القرآن ويقيد
مطلقه ويخصص عامه وشرع في اشياء لم يذكرها القرآن .
الحکم الشرعي
الشريعة الاسلامية بمعناها الخاص هي الأحكام
الشرعية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل سواء كان قرآن أو
سنة أو ما أجمعت عليه الأمة ، إضافة إلى تلك التي استنبطت من مصدر الأحكام الشرعية
، ومعرفة الحكم الشرعي هو ثمرة الفقه والأصول والغاية من نزول الرائع هو تطبيق
أحكامها .
أولا : الحاكم ، لا خلاف أن الله سبحانه هو
الحاكم بين عباده وطاعته واجبة ويثابون عليها أو يعاقبون على ترکها.
ثانيا : تعريف الحكم الشرعي ، لغة هو الحكم القضائي يقال
حكمت عليه بكذا إذا منعته من خلافه ، واصطلاحا هو خطاب الله سبحانه المتعلق بأفعال
المكلفين به اقتضاء أو تخييرا أو وضعا .
شرح
التعريف ،
- خطاب الله : توجيه الكلام المفهم إلى الغير بحيث يسمعه ليستفيد منه ، سواء
كان قرأن أو سنة أو إجماع أو غيره من المصادر بالنسبة للسنة ، لا ينطق عن الهوى ،
وبالنسبة للقياس أو الإجماع فلا بد فيه من دليل من القرآن أو السنة ، وإذا كان
الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى فان غيره لا يكون حكما شرعيا لأنه : إن الحكم إلا
لله ، وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله .
- المتعلق بأفعال المكلفين : يقصد به تعلق الخطاب
بأفعال المكلفين مثلا بإقامة الصلاة .
- الأفعال : هي ما تعلق بالقلب أو اللسان أو الجوارح .
- المكلفين : البالغ العاقل الذي بلغته الدعوة ولا يحول
بين قيامه بالفعل حائل .
- اقتضاء : معناه الطلب .
- التخيير : التسوية بين فعل الشيء أو تركه دون ترجيح
لأحد الجانبين وضعا : جعل الشيء سببا لشيء أو شرطا له ، صوموا لرؤيته .
اقسام الحكم
أولا : الحكم التكليفي
هو ما يقتضي فعل الفعل أو
تركه أو التخيير بين الفعل والترك ، خذ من أموالهم طلب فعل الفعل ،
ذروا البيع ، ترك الفعل ،
حللتم فاصطادوا ، هنا ترك الخيار يعني اصطاد أو لا تصطاد ،
ثانيا : الحكم الوضعي
هو ما اقتضى وضع شيء سببا
لشيء أو شرطا له أو مانعا له ، فالسرقة سبب لقطع اليد ، حج البيت من استطاع إليه
سبيلا ، الاستطاعة شرط للحج .
ثالثا : الفرق بين
الحكم التكليفي والحكم الوضعي
المقصود من الحكم التكليفي هو طلب من المكلف فعل شيء أو الانتهاء
عنه أو تخييره بين فعله أو تركه ، أما الحكم الوضعي فليس مقصودا به التكليف أو
التخيير بل المقصود منه ارتباط أمر بأخر على وجه السببية أو الشرطية أو المانعية .
الحكم التكليفي شرطه أن يكون قادرا عليه ، أما الحكم الوضعي
فإما أن يكون سببا لشيء أو مانعا أو شرطا وقد يكون مقدورا عليه أو غير مقدور عليه
.
أنواع الحكم التكليفي
ينقسم إلى خمسة أقسام :
الايجاب ، الندب ، التحريم ، الكراهة ، الاباحة
1 - الواجب :
شرعا هو ما طلب الشارع فعله من المكلف طلبا جازما بأن اقترن طلبه
بحتمية فعله كالحج والصلاة و الايفاء بالعقود لأنها كلها واجبات طلبها الشارع على
وجه الحتم واللزوم .
اقسامه :
التقسيم الأول : من حيث
تعيين المطلوب فيه وعدم تعيينه
- الواجب المعين : وهو ما طلبه الشارع كالصلاة والصوم ولا تبرئ ذمة المكلف إلا بأدائه
- الواجب المخير : هو ما طلبه الشارع واحدا من عدة اختيارات ، مثال فكفارته إطعام عشرة
مساكين من أوسط ما تطعمون اهلیکم آو کسوتهم آو تحریر رقبة .
التقسيم الثاني : من حيث
وقت الأداء
- الواجب المطلق : وهو ما طلبه الشارع فعله حتما من غير تعيين وقت محدد كالكفارة .
- الواجب المؤقت : هو ما قيده الشارع بزمن معين ، بحيث لا يجوز الأداء قبله ويأثم
المتراخي عنه كالصلاة وصوم رمضان ، فإذا فعله المكلف في وقته كاملا مستوفيا أركانه
وشروطه سمي فعله أداء وإذا فعله لاحقا سمي إعادة وقد يسمى تعجيلا كمن فعله قبل
حلول وقته كإخراج زكاة الفطر وينقسم الواجب المؤقت كذلك إلى : مضيق ، موسع ، ذي شبهین .
الواجب المضيق : هو الواجب الذي لا يسع وقت أكثر من فعله فلا يسع فعلا آخر من جنسه
فمثلا صيام رمضان إذا لم يعين نيته انصرفت نيته للصيام المفروض وإذا عينها تطوعا
لم تجز لأن الشهر لا يتسع للتطوع .
الواجب الموسع
: هو ما يكون الوقت المحدد يسعه
ويسع غيره ، كالصلوات المفروضة حيث تتسع للصلاة المفروضة والنوافل .
الواجب ذو الشبهين : هو من الجهتين مضيق وموسع ، كالحج فوقته محدد ولا يمكن أداء سوى مرة
واحدة في السنة لكنه موسع من ناحية المناسك من طواف ورمي .
التقسيم الثالث : من حيث
تعيين من يجب عليه
- واجب عيني : هو الذي يوجه إلى كل واحد بعينه ، بحيث إذا
تركه أثم وإذا قام به أجر
- الواجب الكفائي : هو ما طلب من مجموعة من المكلفين بحيث إذا
قام به البعض سقط عن الكل
تقسيم الرابع : من
حيث التقدير
- الواجب المحدد : هو ما عينت الشريعة الإسلامية منه مقدارا محددا بحيث لا تبرأ ذمة المكلف بأدائه
كالصلاة والزكاة والديون المالية .
- الواجب الغير المحدد : هو الذي لم يحدد الشارع مقدارا له كالإنفاق في سبيل الله وإطعام
الجائع.
2 - المندوب
تعريفه ، هو ما طلب الشارع
فعله طلبا غير لازم .
مراتب المندوب :
- المندوب المؤكد فعله أو
المطلوب فعله : ويسمى سنة مؤكدة ، أو سنة
راتبة ، وهو لا يستحق تاركه العقاب ولكنه يؤجر عليها وهي ما واظب عليه الرسول صلى
الله عليه وسلم وتعتبر شرعا مكملا للواجب مثل رغيبة الفجر والوتر النبوي والأذان .
- المندوب فعله غير المؤكد
عليه : وهو الذي لم يواظب عليه الرسول
صلى الله عليه وسلم وتركه تارة وفعله تارة كالتطوع بالصدقات وصيام الاثنين والخميس
ويسمى المستحب والنافلة .
- المندوب الزائد : ويعد من الكماليات كالأكل
والشرب وتسمى السنن الزائدة كالأدب والفضيلة .
3 - المحرم
تعريفه ، الممنوع فعله ، وهو
ما نهى عنه الشرع نهيا جازما وهو ضد الواجب . حرمت عليكم الميتة والدم ، ولا
تنكحوا ما نكح أباءكم من النساء
اقسام الحرام
هو نوعان محرم لذاته ، محرم لغيره
- محرم لذاته : محرم لما فيه من الضرر
والمفسدة كاكل الميتة و الزنا والسرقة .
محرم لغيره : ليس لذاته ولكنه يؤدي إلى حرام إذا اقترن
به أمر عارض ، كالخلوة بامرأة أجنبية ، والربا .
ويختلف الاثنان في أن المحرم لذاته إذا كان محل عقد كان العقد
باطلا ولا يصح شرعا ولا تترتب عليه أحكام شرعية ، والمحرم لذاته لا يباح إلا
لضرورة كاكل الميتة لأن سببه ذاتي أما لغيره فيباح لحاجة كرؤية عورة مرأة من أجل
علاجها .
4 -
المکروہ
تعريفه ، لغة البغيض إلى
النفوس ، اصطلاحا هو ما طلبت الشريعة الكف عنه طلبا غير ملزم ولا يذم فاعله ولا
يعاقب وإن كان الأولى تركه ويثاب إذا قصد التقرب لله .
5 - المباح
تعريفه ، ما خير الشارع بين فعله أو تركه من غير مدح أو ذم .
6 - الرخصة والعزيمة
- العزيمة : لغة ، ما عزمت عليه وقصدته قصدا مؤكدا وعزائم الله فرائضه التي
أوجبها ، واصطلاحا ما شرعه الله من الأحكام تخفيفا على المكلف في حالات خاصة تقتضي
التخفيف .
- الرخصة : لغة هي التيسير والتسهيل ، واصطلاحا ما شرع من الأحكام لعذر شاق من
أصل عام يقتضي العدول عنه إلى حكم آخر مع الاقتصار على موضع الحاجة فيه ، وعليه
فإذا كانت العزيمة حكما عاما هو الحكم الأصلي ويشمل الناس جميعا والكل مطالب به
فإن الرخصة ليست هي الحكم الأصلي بل هي حكم جاء مانعا من استمرار الالزام و الحتم
.
أسباب الرخصة :
- الضرورة : كمن يخاف على نفسه من الموت فحفظ النفس أولى من
أكل الميتة .
- دفع الحرج والمشقة : كافطار رمضان
أقسام الرخصة :
- رخصة الفعل : أن يكون ثمة نهي محرم وهو الحكم الأصلي ثم تطرأ
ضرورة تسوغ فعل ما نهى الله عنه ، وتنقسم رخصة الفعل إلى 4 اقسام .
أن يكون الفعل واجبا
: كأكل الميتة للمضطر فإنه واجب عليه أكلها ليدفع عنه الموت
أن يكون الفعل مندوبا : كقصر الصلاة للمسافر
أن يكون الفعل مباحا : كالجمع بين الظهر والعصر
لمسافر
الانتقال من التحريم إلى الأولى : كالفطر
للمسافر الذي لا يتضرر بالسفر كالطائرة فإنه الأولى الصوم لقوله وأن تصوموا خير
لكم أو كالنطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان .
- رخصة الترك : إذا كانت
العزيمة توجب فعلا فإن الرخصة هي رخصة ترك ، وهي كثيرة ، منها رخصة الأمر بالمعروف
كان يكون الحاكم ظالما يقتل كل من يأمر بالمعروف فإنه له رخصة السكوت ، وأما إذا
قال كلمة الحق في وجه سلطان جائر وأخذ بالعزيمة عوض الرخصة فهو مع سيد الشهداء
حمزة ، وحكم الرخصة لا تبيح المأمور به ولا تحل الفعل المنهي بل هي مانعة من وقوع
العقاب على الفاعل أو التارك لأن حكم العزيمة ثابت .
أنواع الحكم الوضعي
الحكم الوضعي هو خطاب الله تعالى متعلق بجعل
الشيء سببا أو شرطا أو مانعا منه ويمكن إلحاق الصحة والفساد بالحكم الوضعي لأنه
وضع شرعي يرجع أساسا إلى خطاب الشارع بالحكم بصحة الشيء وترتب أثر عليه ، ويمكن
تقسيم الحكم الوضعي إلى 4 أقسام :
- السبب :
لغة كل شيء يتوصل به إلى غيره ، وأتيناه من كل
شيء سببا ، واصطلاحا عرفه الاصوليون بأنه وصف الظاهر المنضبط على دليل شرعي على
كونه علامة لحكم شرعي وهو أعم من العلة فكل علة سبب وليس كل سبب علة .
أمثلة السبب : المرض سبب
للافطار ، الزواج سبب للتوارث ، القتل العمد موجب للقصاص
أقسام السبب :
ينقسم على حسب ذاته ومن حيث
ما يترتب عنه أو يكون سببا لحكم تكليفي أو سببا لملك
- غير مناسب للحكم : هو الذي لا تظهر للعقل فيه المصلحة المترتبة على شرع الحكم عنده كذلك
الشمس وهو سبب لوجوب الصلاة ، كقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس ، فعقولنا لا
تدرك مناسبة ظاهرة بين السبب والحكم وكشهود رمضان سبب لوجوب الصيام لقوله تعالى
فمن شهد منكم الشهر فليصمه فالعقل المجرد لا يستطيع إدراك المصلحة المترتبة على
جعل الدلوك سببا لوجوب الصلاة وهود شهر رمضان إلا أن عدم الادراك لا يعني أن الحكم
غير واجب لأن العقول غير قادرة على إدراك كل الحقائق و الاسرار .
- سبب مناسب للحكم : قد يكون السبب مناسبا للحكم مثل السفر سبب لجواز الافطار
- سبب لحكم تكليفي : كملك النصاب لوجوب الزكاة والسرقة سبب لقطع يد السارق
- سبب لإثبات الملك : كالبيع سبب الملك المشتري .
الفرق بين السبب والعلة :
كل علة سبب وليس كل سبب علة ،
العلة أعم من السبب ، فإذا أدرك العقل وجه المناسبة بين الحكم والسبب كان علة
وسببا أما إذا كان العقل لا يدرك المناسبة بين الحكم وسببه فذاك هو السبب .
- الشرط :
لغة هو العلامة ، علامة للمشروط ، اصطلاحا هو ما
يلزم من عدمه عدم الحكم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته ، وهو ما يتوقف عليه
وجود الحكم من غير اقتضاء اليه فالشرط يكون خارجا عن ماهية المشروط وحقيقته أي ليس
جزءا منه ، والسبب لازم للحكم ، والحكم لا يلزم السبب ، فالوضوء شرط للصلاة ، وقد
لا يصلي المتوضى ،
اقسام الشرط :
أولا : من حيث أنه مكمل
للحكم أو سببه
الشرط المكمل للحكم : اشتراط مرور الحول على ملك النصاب في وجوب الزكاة .
الشرط المكمل لسبب الحكم : كالاحصان شرط لسببية الزنا لوجوب الرجم .
ثانیا : من حیث مصدره
شرط شرعي او شرط جعلي
الشرط الشرعي : هو الذي جعله الشريعة شرطا معتبرا كاشتراط الشاهدين في صحة الزواج.
الشرط الجعلي : هو الشرط قد يكون مصدره المكلف باختياره كاشتراط المرأة في الزواج
أن لا يخرجها من بلدها .
الشرط
والركن : الشرط يتوقف عليه وجود الشيء وكان
خارجا عن حقيقته فالركوع ركن في الصلاة لانه جزء من حقيقتها والطهارة شرط في
الصلاة لأنها أمر خارج عن حقيقتها .
المانع : لغة ما يمنع من حصول الشيء ، اصطلاحا هو السبب المقتضى لعلة تنافي
حكمة الحكم أو هو شيء يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم الذاته ،
وهو ما يلزم من وجوده عدم الحكم أو بطلان السبب ، ويقسم الى مانع الحكم ومانع
السبب .
مانع الحكم : من ذلك مثلا القتل العمد سبب لقصاص لكن الابوة مانعة من اقامة الحد
على الاب وكون الشبهة مانعة من اقامة الحد لقوله امنعوا الحدود بالشبهات .
مانع السبب : القرابة سبب لميراث ، القتل العمد مانع للميراث ، والدين مانع من
وجوب الزكاة لأنه مانع من تحقق السبب وهو ملك النصاب .
الصحة والفساد والبطلان
الصحة :
الصحة لغة هي مقابل
السقم ، واصطلاحا ما يرد على الأحكام من صحة أو فساد أو بطلان
هي أن تتوفر
في الشيء أركانه وشروطه الشرعية وترتيب عليه آثاره الشرعية فتوصف الصلاة صحيحة إذا
كانت مستوفية لشروطها وأركانها وتوصف باطلة أو فاسدة اذا لم تستوف أركانها وشروطها
، و تطلق علی العبادات والمعاملات.
الباطل :
أو البطلان هو
ما صدر من أفعال غير مستوفية لشروطها فإذا وقع الخلل في الشروط أو الأركان وقع
البطلان حينها لا يترتب اي حكم شرعي.
الفاسد :
هو ما كان الخلل في وصف من أوصاف العقد ، وعند الجمهور لا فرق بين
الفاسد والباطل.