جرائم العرض في القانون الجنائي
|
جرائم العرض |
يقصد بجرائم العرض تلك الجرائم التي
تخدش الحياء في الانسان وتمس بحيائه العرضي سواء وقعت عليه او وقع نظره عليها بدون
رضاه.
واذا كان من حق كل انسان ان يصون
عرضه ويحفظ كرامته فقد تدخل المشرع لحماية هذا العرض وصون هذه الكرامة وسن عقوبات
متفاوتة في الشدة لكل من سولت له نفسه أن يعبث بهذا العرض بل تدخل لحماية المجتمع
حتى ولو لم يتضرر شخص معين بالذات كجرائم الفساد والشذوذ الجنسي.
ونظرا لما لجرائم العرض أو الجرائم
المخلة بالاداب كما يحلو للبعض ان يسميها من اهمية وما تثيره من مشاكل وما بينها
من تداخل وتشابه - حاولت ان أعالج هذا الموضوع بشيء من التفصيل مستدلا ببعض
الاجتهادات مع مقارنة القانون المغربي ببعض التشريعات العربية كالقانون المصري
والسوري لما بينهما وبين القانون المغربي من تشابه وارتباط، خاتما البحث بدراسة
هذه الجرائم في الشريعة الاسلامية مبينا الفرق بينها وبين القانون الوضعي في هذا
الصدد مع بيان امكان تطبيق الشريعة الاسلامية في هذا الميدان.
ويمكن اجمال جرائم العرض في الجرائم
الاتية :
- الاخلال العلني بالحياء
- هتك العرض
- الشذوذ الجنسي
- الفساد
- الخيانةالزوجية
- الاغتصاب
وهي الجرائم المنصوص عليها على عقوبتها في الفرع السادس من
الباب الثامن من القانون الجنائي تحت عنوان (في انتهاك الأداب).
- الإخلال العلني بالحياء
ينص
الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي على ان من ارتكب أخلالا علنيا بالحياء وذلك
بالعرى المتعمد او بالبذاءة في الاشارات او الافعال يعاقب بالحبس من شهر واحد الى
سنتين وبغرامه من مانه وعشرين الى خمسمائة درهم".
ويعتبر اخلالا علنيا متى كان الفعل
الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص او اكثر شاهدوا ذلك عفوا أو بمحضر قاصر دون الثامنة
عشرة من عمره او في مكان قد تتطلع اليه انظار الجمهور" ومن التدقيق في هذا
العصر يتبين ان اركان جريمة الاخلال العلني بالحياء ثلاثة :
1) الركن المادي وهو
كل فعل يرتكبه الجاني ويكون مخلا بالحياء.
2) العلنية ولها نفس المعنى اللغوي وهي اهم ركن في الجريمة.
3) الركن المعنوي النية الجرمية او خطا الجاني.
شاهد ايضا :
جريمة الاجهاض
1-
الركن المادي :
يتكون هذه الركن من أي فعل أو حركة
أو اشارة يقوم بها الجاني، ويكون من شانها خدش الحياء العام سواء استطال هذا الفعل
على جسم انسان ما - بشرط الا يبلغ درجة جريمة هتلك العرض - حتى ولو كان جسم الجاني
نفسه أو لم يقع على جسم انسان ما، فالشخص الذي يقوم بكشف عورته في الشارع العمومي،
او في مكان معرض لرؤية الجمهور، والشخص الذي يقبل امراة بكيفية تثير الغريزة
الجنسية والشخص الذي يعقد احدى يديه ويدخل فيها وسطى اصابعه الاخرى او الراقصة التي
تقوم برقصة هزة البطن بكيفية بذيئة والشخص الذي يقوم بحركات تثير فكرة التمازج
الجنسي، كل هولاء يرتكبون جريمة الاخلال العلني بالحياء اما الاقوال مهما كانت
فاحشة ما لم تصحب بحركات أو اشارات، وكذلك الصور والرسوم مهما كانت فاضحة وفاحشة
فانها لا تعدو ولا تكون جريمة الاخلال العلني بالحياء وانما تدخل في زمرة جرائم
السبب والقذف العلني وتعاقب حسب قانون حرية الصحافة.
فالشخص الذي يقوم في جمع عام
أو خاص ويتفوه باقوال في غاية البذاءة والفحش لا يكون مرتكبا لجريمة الاخلال
العلني بالحياء ولكن يكون مرتكبا لجريمة السبب العلني وكذلك من يقف على قارعة
الطريق ويعترض سبيل النساء بالكلام الفاحش أو القول البذيء يكون مرتكبا لجريمة
السبب العلني أو لجريمة التحريض على الفساد اذا كان يقصد من وراء ذلك جلب اشخاص
للفساد وكان دوره يقتصر على الوساطة فيه وقد اعتبرت محكمة النقض المصرية في حكم لها
ان " توجيه المتهم للمجني عليها في الطريق العام الفاظا تخدشها في شرفها
اعتبارها وتجرح كرامتها يعد سبا " (1).
ومن أمثلة جرائم الاخلال العلني
بالحياء تقبيل امراة في مكان عمومي او لمس يدها او ذراعها او عنقها او ثديها
بكيفية يكون من شان اثارة الغريزة الجنسية سواء كان هذا الفعل في حد ذاته مشروعا
ام لا فالشخص الذي يقبل زوجته او الزوجة التي تقبل زوجها او الزوج الذي يلمس زوجته
في مكان من اماكن اثارة الغريزة الجنسية من جسدها يكون قد قام بعمل مشروع يقره
القانون والشرع والعرف وكل من قام بنفس الاعمال السابقة مع امراة لا تربطه معها
علاقة الزواج يكون قد قام بعمل غير مشروع ولكن كلا من العملين سواء كان مشروعا أو
غير مشروع اذا ارتكب في مكان عام او معرض لرؤية الجمهور او بحضور قاصر يقل عمره عن
18 سنة يعد مخالفا للاداب العامة وبالتالي يكون جريمة الاخلال العلني بالحياء لان
الاخلاق العامة والتقاليد تدعو الى التستر عند القيام بهذه الاعمال.
الأخلاق العامة : الاخلاق العامة هي
مجموعة القواعد والاعراف التي يلتزم الناس في مكان معين وزمان معين باتباعها
والتقيد بها والسير وفقها وهي تختلف باختلاف الأزمنة والامكنة والمجتمعات فما كان
في الماضي يعد عملا مخلا بالحياء لم يعد اليوم كذلك وما يعد مخلا بالحياء في الدول
الاسلامية لا يعد كذلك في الدول غير الاسلامية وما يعد مخلا بالاداب في البادية
والارياف لا يعد كذلك في المدن، كما ان ما يعد عورة في جسم المراة لا يعد عورة في
جسم الرجل فالرجل يكشف صدره او بطته ولا يعد ما قام به مخلا بالحياء بينما اذا
فعلت المراة ذلك تكون قد ارتكبت عملا مخلا بالحياء.
والشخص ذكرا كان او انثى -
الذي يلبس ملابس شاطى البحر ويجول بها في الشوارع يكون قد ارتكب عملا مخلا بالحياء
بينما لا يعد كذلك في شاطى البحر. فالإخلال العلني بالحياء اذن مسالة نسبية على
القاضي ان يستقيها من المحيط الذي وقعت فيه الجريمة لا من تصور من وقعت عليه
وشعوره (2) ولا يكتفي القاضي في حكمه بان يقول ان المتهم ارتكب عملا مخلا بالحياء
بل عليه ان يتبين الافعال التي ارتكبها بكل تحديد الا كان حكمه معرضا للإبطال.
وعلى العموم فان كل عمل أو حركة او
اشارة من شأنها اثارة الغريزة الجنسية أو اثارة فكرة التمازج الجنسي سواء وقعت على
شخص برضاه او وقعت على الجاني نفسه لان المشرع لم يرد من تجريم هذا الفعل حماية
شخص معين بالذات جرائم العرض او الاغتصاب، وانما اراد حماية الشعور العام من رؤية
الفاعل أو حركات أو إشارات تخدش حياءه تعد عملا مخلا بالحياء.
2- الرکن الثانی : العلائية
ينص الفصل اعلاه على ان
من "ارتكب أخلالا عنيا بالحياء" والمقصود بالعلائية هنا معناها اللغوي
وهو اتيان فعل أو حركة او اشارة في مكان عام او معرض لرؤية العموم، والعلائية اهم
ركن في جريمة الاخلال العلني بالحياء ذلك ان المشرع كما مر معنا اعلاد، لم يقصد
بتجريم هذا الفعل حماية شخص معين من الناس وانما قصد الى حماية الشعور العام، لما
يحدثه هذا الفعل من جرح في الشعور الاخلاقي وحماية الناس من ان تقع ابصارهم على مناظر
بذيئة لا يرغبون في رؤيتها فاذا ما ارتكب شخص فعلا من الافعال المخلة بالحياء في
مكان خاص او بعيد عن أعين الناس فان ركن العلانية لا يتوفر وبالتالي لا يقع تحت
طائلة الفصل 483 اعلاه والمشرع المغربي - خلافا للمشرع المصري (3)- اوضح العناصر
اللازمة لتكوين ركن العلانية في جريمة الاخلال العلني بالحياء وذلك بقوله في الفصل
483 من القانون الجنائي الخاص يكون الاخلال بالحياء علنيا متى كان الفعل الذي كونه قد ارتكب بمحضر شخص او اكثر شاهدوا
وذلك عفوا او بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره او في مكان قد تتطلع اليه انظار
العموم" وبناء على ما ورد في هذه الفقرة يمكن تقسيم الاماكن الي تتوفر فيها
العلانية المطلوبة لقيام هذه الجريمة الى :
أ- المكان العام
ب- المكان المطروق
ج- المكان الخاص المعرض للانظار
د- المكان الذي يوجد فيه قاصر.
ا- المكان العام :
هو المكان المفتوح للجمهور يدخله من
يشاء وأنى شاء ومتى شاء كالطرق العامة والقناطر والحدائق العامة ولا فرق بين ان
يكون دخولها مجانا كالشوارع والازقة او بمقابل كالمسارح والمقاهي ويمكن تقسيم
المكان العام الى:
• مكان عام بطبيعته.
به مکان عام بالتخصیص.
مكان عام بالمصادقة.
فالمكان العمومي بطبيعته هو المكان
المفتوح لجمهور الناس يدخلونه متى شاءوا وانى شاءوا كالشوارع والحدائق والساحات
العمومية والازقة والمنتزهات والملاعب الرياضية فاذا ما ارتكب شخص فعلا مخلا
بالحياء في مكان من هذه الاماكن يكون قد ارتكب جريمة الاخلال العلني بالحياء
لتوافر ركن العلانية حتى ولو ارتكب هذا الفعل ليلا، ذلك ان هذه الاماكن تطرق في كل
وقت وهي بطبيعتها معرضة لمرور الجمهور منها في أي وقت.
والمكان العمومي بالتخصيص هو المكان
المباح دخوله لكل شخصي اراد وذلك اما بمقابل واما بشروط خاصة أو مجانا ولكنه اقل
تعرضا للجمهور من النوع الاول ولا يباح دخوله عادة الا في اوقات كالمساجد والمسارح
والمقاهي والمدارس والمطاعم وسيارات النقل العمومي وعربات القطار والمؤسسات
العمومية كمكاتب البريد وقاعات المحاكمات والمكاتب الإدارية بشرط ان يقع فيها
الفعل المخل بالحياء في وقت تكون فيه ابوابها مفتوحة وتستقبل العموم اما اذا وقع
فعل مخل بالحياء في مكان من هذه الاماكن ليلا او في وقت كانت ابوابها مقفلة وليس
بها احد غير الفاعل والضحية الذي وقع عليه الفعل أو الفاعل وحدد ان أوقع الفعل على
نفسه كالعرى مثلا، فان ركن العلائية لا يتوفر بالتالي فان الفاعل يكون بمنجي من
العقاب المنصوص عليه في الفصل 483 المذكور اعلاه.
وقد ذهبت محكمة النقض الفرنسية
الى ان الفعل المنافي للحياء المقترف من مدرس ابتدائي على احد طلاب المدرسة في
غرفة من غرف الدراسة يفقد صفة العلانية اذا وقع بعد وقت الدراسة وفي وقت غياب أي شاهد
ومع اتخاذ احتياطات خاصة بمنع رؤيته وذلك لأن المدرسة تفقد صفة العلائية منذ الوقت
الذي تغلق ابوابها دون طلابها " (4).
والامكنة العمومية بالمصادقة هي
اماكن خاصة مقتصرة على افراد معينين اختياريا كالنوادي والدكاكين والمخازن
واجباريا كالسجون. فهذه الاماكن تكون خاصة بمن خصصت لهم او بمن انشاها الا ان وجود
الجمهور ولو بمجرد الصدفة هو الذي يعطيها صفة العلانية فاذا ما ارتكب شخص عملا
مخلا بالحياء في وقت يكون فيه الجمهور موجودا في هذه الامكنة فان ركن العلانية
يتوفر وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة الفصل 483 اعلاه والمقصود بالجمهور عدد من
الناس حتى ولو كن شخصا واحدا غير الفاعل فاذا ما ارتكب سجين عملا مخلا بالحياء في
السجن ورآه أو امكن ان يراه سجين آخر أو احد حراس السجن ولو ليلا قانه يعد مرتكبا
لجريمة الاخلال العلني بالحياء ومن الاماكن العمومية بالمصادقة المصاعد والسلالم المتركة
وممرات العمارات ودهاليزها -.
ب- المكان المطروق :
هو مكان عام الا انه اقل
تعرضا لغشيان الناس له من المكان العام كالشواطى في غير فصل الصيف او الصحاري او
الاماكن النائية عن العمران او قمم الجبال و الحدائق في فصل الشتاء فهذه اماكن
يطرقها الناس متى أرادوا ولكن هناك اوقات تكاد تكون فيها خالية من الناس فاذا ما
ارتكب شخص فعلا مخلا بالحياء في مكان من هذه الاماكن وقع تحت طائلة الفصل 483
المذكور اعلاه لتوفر ركن العلانية في فعله سواء كان فيه أحد أم لم يكن، لإمكان
وجود الناس في أي وقت (5).
ج- المكان الخاص المعرض
للانظار :
المكان الخاص المعرض للانظار هو
المكان الخصوصي اما لفرد واحد واما لمجموعة افراد لا يتعداهم الى غيرهم كالمنازل
والسيارات الخاصة والنوادي المغلقة فهذه اماكن خاصة لا تتوفر فيها الاعلانية
المطلوبة في الفصل 483 اعلاه الا انها قد تتعرض لانظار الجمهور فتكتسي بذلك صفة
العلانية (6) كالمنزل الذي يترك صاحبه نوافذه المطلة على الشارع او زقاق او على
منازل اخرى مفتوحة وكالنادي الذي يترك بابه او نوافذه مفتوحة فيستطيع الجمهور رؤية
ما يجري بداخله دون عائق، أما إذا تسلق المشاهد جدارا أو سلما او فتح نافدة احكم اغلاقها
ليرى ما يجري في الداخل.
فان ركن العلائية لا يتوفر لان روية
ما يجري في الداخل لم تات عن عمل الفاعل وانما من عمل المشاهد، ولان المشرع من جهة
اخرى حمى شعور الذين تجرحهم المناظر المخلة بالحياء دون رضا منهم أما الذين يسعون
الى رؤية هذه المناظر فانهم يعدون مشاركين في ارتكاب هذا الفعل، بالتالي فان
المشرع لم يتدخل لحمايتهم وهكذا مثلا اذا دخل شخص اختياريا لناد من نوادي العراة
فانه لا يقبل منه الإدعاء بان شعوره الاخلاقي قد جرح لانه هو الذي ذهب الى هذا
النادي وهو يعلم ما يجري فيه وذلك لا يعد إخلالا بالحياء العمل الذي يرتكبه شخص في
حقل بعيد عن المساكن وعن الطريق العمومي ومحاط من جميع الجهات بحقول اخرى مملوكة
لمقترف الجرم.
متى ثبتت انه لم يتمكن من مشاهدته
سوى شاهد واحد دخل بدون حق في ملك المتهم وافسد عليه ما اتخذه من احتياطات وكذلك
السيارات الخاصة .
د- المكان الذي يوجد
فيه قاصر
الحق المشرع المغربي
المكان الذي يوجد فيه قاصر دون الثامنة عشرة حتى ولو كان خاصا بالمكان العام وذلك
حماية للناشئة من الانحلال الخلقي والانحراف بل حتى ولو كان الفاعل أبا او أما
لهذه القاصر، اذن كل من ارتكب عملا مخلا بالحياء بحضور قاصر دون الثامنة عشرة يعد
مرتكبا لجريمة الاخلال العلني بالحياء وبالتالي يقع تحت طائلة الفصل 483 المذكور
اعلاه سواء وقع الفعل على القاصر او على الفاعل نفسه أو على شخص اخر ما دام الفعل،
وقع بحضور القاصر.
لكن ما الحكم اذا وقع الفعل الجنائي بحضور قاصر حضر عن اختيار
وعلم الى المكان الذي وقعت فيه الجريمة ؟ الحقيقة ان المشرع اعتبر الشخص الذي حضر
أو شاهد الفعل المخل بالحياء عن طيب خاطر غير جدير بالحماية كما يدل على ذلك عندما
عبر بكلمة عفوا الواردة في الفصل 483 المذكور فان المشرع حماية منه للقاصرين اعتبر
رضاهم كعدمه ولم يعتد بهذا الرضى، والحق المكان الخاص الذي وقع فيه الفعل المخل
بالحياء بحضور قاصر بالمكان العام لتوفر العلائية فيه بحضور القاصر، لكن هل يعد
مرتكبا لجريمة الاخلال العلني بالحياء من ارتكب فعلا شائنا بحضور شخص أعمى أو أصم
؟ لا شك ان احد هاذين الشخصين الأعمى او الأصم اذا كان جسمه هو الذي تعرض للفعل
الشائن كمن يمس عورة أحدهما لو يضع يد أحدهما على ذكر الفاعل مثلا او يضع يده على
نهد امراة عمياء او صماء فان الجريمة تعد قائمة وبالتالي يقع الفاعل تحت طائلة
الفصل 483 أعلاه لكن اذا وقع بمحضر أحدهما فلا جدال في رؤية الأصم.
تعتبر كروية المبصر ما دام المقصود
هو رؤية الاشارات او الحركات او الافعال لكن بالنسبة للاعمى إذا كان الفعل الذي
قام به الفاعل لا يدع شكا في كون الفعل المخل بالحياء ارتكب فان الجريمة تعد قائمة
كمن يقبل امراة بشهوة او يقوم بحركات ويتفوه بالفاظ غزلية تخدش حياء الاعمى فان
الجريمة تعد - مرتكبة قد ذهبت محكمة النقض الفرنسية الى ان " الفعل الفاضح
يكتسب العلانية حتى ولو كان الشاهد الوحيد له لم يشاهد ببصره متى كان وجوده معروفا
لمرتكبي الفعل وكان الفاعلان لم يعملا على اخفاء امرهما بل انه بالأقوال التي تفوها
بها وبالأصوات المتقطعة التي خرجت قد وقف الشاهد على طبيعة الافعال المخلة بالحياء
المغايرة للآداب التي اقترفت في حظيرته بحيث تأثرت منها عاطفة الحياء لديه (8) كما
ذهبت محكمة النقض المصرية في تعريفها للفعل الفاضح بانه ذلك الفعل العمد المخل
بالحياء الذي يخدش في المرء حياء العين والإذن ليس إلا " - بمعنى انه لا
تستلزم العلانية رؤية الشهود للفعل فمجرد السماع يكفي للدلالة على الاعلانية في
الفعل الفاضح إذا أمكن سماع الحركات التي تدل عليه.
الركن الثالث : القصد
الجنائي :
لا ضرورة في قيام الإخلال
العلني بالحياء لوجود القصد الجنائي بل يكفي ارادة الفاعل ارتكابه الفعل وعلمه
بانه فعله مخل بالحياء لذلك فان مجرد إهمال الفاعل يعد كافيا لتوفر الركن المادي
أي القصد الجنائي وهكذا مثلا من قام بفعل مخل بالحياء في مكان خاص ولكنه ترك
النوافذ التي تطل على الشارع العمومي او مكان عام أو حتى على منزل اخر مفتوحة أو
أغلقها بكيفية لم تستر ما يقع في الداخل فانه يعد مرتكبا لجريمة الاخلال العلني
بالحياء ولو لم يقصد إيذاء الشعور العام. وقد قضت محكمة المصرية بان من يدخل دكان
حلاق ويتبول فى الحوض الموجود به فيعرض نفسه بغير مقتضى للانظار بحالته المنافية
للحياء يتوافر في حقه القصد الجنائي في جريمة الفعل الفاضح العلني (9).
لكن اذا كان العرى مثلا غير إرادي
كمن تعدى عليه اللصوص فسرقوا لباسه وتركوه عاريا أو من اشتعلت النار في ملابسه
فاضطر لخلعها حماية لنفسه من الحريق، او من كان في نزاع مع شخص اخر فمزق له ملابسة
بكيفية انكشفت معها عورته او من كان في سباق أو ساحة رياضية فسقط سرواله او تمزق.
وهكذا في كل حالة يكون فيها العري
غير اختياري فان الركن المعنوي لا يتوفر، وبالتالي فان جريمة الاخلال العلني
بالحياء تكون غير قائمة. ويكون مرتكبا لجريمة الإخلال الطني بالحياء من قام بعمله
المخل بالحياء دون احتياطي او دون تبصر، كمن يرتكب عملا شاننا في مكان محتمل
الروية من الغير كحقل غير مستور او مكان مقفر أو ساحل نهر. لان هذه أماكن عامة.