جريمة الفساد
|
الفساد |
عرف المشرع المغربي جريمة الفساد في الفصل
490 من القانون الجنائي بقوله: " كل علاقة
جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينھما علاقة
زوجية تكون جريمة الفساد، ويعاقب عليھا بالحبس
من شھر واحد إلى سنة " ويتبين من خلال ھذا النص أن تحقق جريمة
الفساد يتطلب توفر أركانھا أولا،
ومعاقبة مرتكبيھا يستلزم إثباتھا ثانيا.
المحور الأول : أركان جريمة الفساد
كما ھو الشأن بالنسبة للجريمة بصفة عامة،
فإن أركان جريمة الفساد تتمثل أساسا في الركن
المادي ثم الركن المعنوي.
أولا: الركن المادي لجريمة الفساد
يتحقق الركن المادي لجريمة الفساد بمواقعة
الرجل للمرأة وذلك بإدخال عضوه التناسلي في عضو
المرأة دون ربط بينھما علاقة الزوجية، ودون
أن ينتھي العملية الجنسية أي دون أن يحقق الطرفين
رغبتھما من ھذا الجماع.
وھذا معناه أن ھذه الجريمة لا تتحقق إلا
بمواقعة دون غيرھا من الأفعال ما لم تتوفر الأركان
المكونة لجريمة الإخلال العلني بالحياء
المعاقب عليھا بمقتضى المادة 483 من ق.ج.
بل أكثر من ذلك ھناك من الفقه من ذھب إلى
توسع في تفسير النص القانوني وجعل مفھوم العلاقة
الجنسية يشمل أيضا إتيان المرأة من الخلف،
وبرر موقفه ھذا بأن المشرع عندما عاقب على
الشذوذ الجنسي في الفصل 489 من القانون
الجنائي اقتصر فيه على الحالة التي يكون فيھا بين
شخصين من نفس الجنس ( بين رجلين أو امرأتين) وليس من الضروري أن تتكرر العملية الجنسية
بين الرجل والمرأة أكثر من مرة بل حدوثھا لمرة واحدة يكفي لتحقق جريمة الفساد.
إضافة إلى ذلك ، فإن المشرع يشترط عدم وجود
علاقة زوجية بين المرأة و الرجل المقيمين
للعلاقة الجنسية، ومعنى ھذا إن وجود عقد
الزواج معناه انتفاء جريمة الفساد وان كان ھذا الزواج
فاسدا . نفس الشيء إذا تعلق الأمر بحدوث
الوطء أثناء فترة العدة من طلاق رجعي حيث يعتبر
ثانيا: الركن المعنوي لجريمة الفساد
يتحقق الركن المعنوي لجريمة الفساد بتوفر
القصد لدى كل من المرأة و الرجل في القيام بالمعاشرة
الجنسية مع إدراكھما لحقيقة التصرف الذي
يقومان به، وعلمھما بانعدام وجود رابطة الزوجية
بينھما.
بتعبير أخر، فإنه يلزم أن يكون كل من الفاعلين
عالما ومريدا لارتكاب لجريمة الفساد وثبت بالتالي
الحق في مساءلة كل منھما ومعاقبته بما ھو
مقرر قانونا.
على أن وجود علاقة الزوجية ينفي تحقق الركن
المعنوي وان كان الطرفين غير عالمين بھا أو
يجھلان وجودھا بالتالي فلھما الحق في أتباتھا
ونفي جريمة الفساد عنھما. وذلك إما بغلط منھما أو
من احدھما في شخص الأخر، أو بانتھاء عدة
الطلاق الرجعي مع اعتقادھما انه لم ينتھي بعد.
وھكذا إذا تبت أن المتھمين تربطھما علاقة
زوجية تعين الحكم ببراءتھما.
المحور الثاني: اثبات جريمة الفساد
تنص المادة 493 من القانون الجنائي على
أن :
"الجرائم المعاقب عليھا في الفصلين 490 و 491 لا
تثبت إلا على محضر رسمي يحرره احد
ضباط الشرطة القضائية في حالة تلبس أو بناءا
على اعتراف تضمنته مكاتيب أو أوراق صادرة
عن المتھم أو اعتراف قضائي".
يعتبر نص الفصل 493 استثناءا من القاعدة
العامة المقررة بمقتضى المادة 288 من قانون
المسطرة الجنائية ، التي تقر مبدأ حرية
الاتبات وذلك باشتراطه ضرورة اتبات جريمة الفساد
بإحدى الوسائل الثلاث وھي:
أولا :محضر ضابط الشرطة القضائية
المحرر في حالة التلبس. والذي يكتفي فيه
الضابط بتسجيل الوقائع التي شاھدھا بحيث يبقى
للمحكمة السلطة و الصلاحية في اعتبارھا
تمثل حالة التلبس أم لا وبالتالي ثبوت جريمة الفساد في
حق المتھم أو العكس ھذا من جھة، ومن جھة
أخرى فان خالة التلبس تعتبر من المسائل الخاصة
بالجريمة وليس بالجاني وعلى ھذا الأساس
إذا ثبتت الجريمة اتھم بھا كل من الفاعل الأصلي
والمساھمين و المشاركين وان لم يتم ضبطھم
في حالة التلبس.
ثانيا :الاعتراف المضمن في
مكاتيب أو أوراق صادرة عن المتهم
والمقصود بدلك الاعتراف الصادر عن المتھم
بالجريمة وذلك عن طريق الكتابة وبأية طريقة
تمت بھا. ويخضع الاعتراف المكتوب في قيمته
الإثباتية للسلطة التقديرية للمحكمة على أساس
ليس حجة قاطعة وإنما يمكن استبعاده متى
تبث أنه غير صحيح أو غير واضح . إضافة إلى ما
سبق يمكن يمكن للمحكمة أن تأخذ بالاعتراف
المكتوب بأكمله أو تقوم بتجزئته وتأخذ البعض دون
الآخر.
ثالثا : الاعتراف القضائي
ھو ما يصدر عن المتھم من إقرار على نفسه
بارتكاب الجريمة ويعد وسيلة من وسائل الإثبات
والتي نص عليھا المشرع في الفصلين 405 و
410 من قانون الالتزامات والعقود. ولكي يعتد
بالاعتراف القضائي سواء بأكمله أو بجزئه
يجب أن يكون صريحا وان يتعلق بالجريمة التي يحقق
فيھا دون غيرھا.
و الشريعة الإسلامية بدورھا تعاقب على جريمة
الزنا ، وتشترط لذلك أن يتحقق الإقرار أو شھادة
أربع شھود على حصول واقعة للزنا أمام أعينھم
. فلماذا لم يأخذ المشرع المغربي بالشھادة كدليل
إثبات على غرار الشريعة الإسلامية ما دام
انه لا يتصور اتفاق أربعة أشخاص على الكذب بعد
حلفھم لليمين ؟.